يونيو 2014 مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS يونيو 2014 - مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS \
  • أخر منشوراتنا

    الخميس، يونيو 05، 2014

    نحو قضاء غير متناقض الأحكام قراءة لقاعدة الجنائى يوقف المدنى



    مقدمة
    العدالة هذه القيمة التى ينشدها القضاء ناهيك عن المتقاضين أنفسهم  لن تكون بخير حال إلا عندما تتسق أحكام المحاكم مع بعضها مهما كانت الجهه القضائية التى أصدرتها ونوع المحكمة بحيث ينتفى التعارض بين الأحكام الصادرة فى موضوع واحد لذلك لم يعدم النظام القضائى وجود جهة قضائيه مختصة تختص بفض تنازع أحكام المحاكم المتضاربة  الصادرة من جهات قضائية مختلفة وهو الدور الذى تلعبه المحكمة الدستورية العليا بإعتبارها محكمه لتنازع الإختصاص الإيجابى منه و السلبى فى النظام القانونى المصرى حيث نصت  المادة 25 من قانون المحكمة الدستوريه العليا  الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، على أن : تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما ياتي :
    أولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
    ثانيا: الفصل في تنازع الإختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الإختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهماعنها.
    ثالثا: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات إختصاص قضائي والأخر من جهة أخرى منها ".
    والواقع إنه رغم المجهود المشكور الذى لعبتة هذه المحكمه على مدى السنوات القضائية للتنازع بها إلآ أن الأمر داخل كل جهه قضائيه أو بين هذه الجهة و الجهات القضائيه الأخرى يدق و قد ثبت وجود حالات تصدر فيها أحكام متناقضه رغم إتفاق موضوع تلك الأحكام مما يشكل عبء جسيم عند تنفيذ مثل تلك الأحكام فضلا عن تأذى العدالة من هذا التناقض الذى ينبىء عن عدم التجانس و إنعدام التنسيق بين جهه القضاء الواحدة أو بين جهتى قضائيتين مختلفتين رغم وجودهما جميعا تحت مظله سلطة قضائيه واحدة  .
    و الحقيقه أن هذا التناقض إنما يعزى الى أسباب كثيره جانب كبير منها وهو على سبيل المثال يرجع الى عدم توافر المعلومات الكافية لدى المحاكم وأطراف النزاعات أنفسهم  مما يؤدى الى الإفتئات على قاعدة حجية الأمر المقضى فيه .
    لذلك نجد أن المشرع رغبة منه فى الحد من تفاقم هذه المشكلة فقد تضمن تشريعاته لا سيما الإجرائيه منها كقانون المرافعات المدنيه و التجاريه و قانون الإجراءات الجنايه بعض النصوص التى تعين المحاكم و الخصوم على تفادى حدوث مثل هذا الوضع القضائى المتناقض إلا أن الأمر ما زال يعوزه  فى تقديرنا  إمداد المحاكم فى جميع الجهات القضائيه العاملة بمصر بالمزيد من قواعد البيانات المتشابكه و المتناسقة بحيث تختفى فيه هذه الظاهره التى تنال من صفو العدالة وتشكك فى مصداقيه الأحكام المتضاربه وحجيتها  فضلا عن إهدار الوقت والمال وإنشغال المحكمة العليا بقسط كبير منها ولعل ذلك الأمر أصبح الأن ميسور خاصة بعد التقدم التقنى الذى عم مجمل العمل الرسمى فى البلاد وذلك حتى نحصل على عدالة قضائية ممثله لحقيقة تطابق الى حد الكمال أو تكاد الحقيقه الواقعية ويصبح لقضاة المحاكم جانبا إيجابيا ظاهرا فى التقريب بين هاتان الحقيقتان من خلال الحد من مبدأ سلبية القاضى أمام المنازعه وتوسيع نطاق المبدأ المتوسط بين السلبيه و الإيجابيه وإيجاد مفهوم عملى وواقعى يطور من مبدأ عدم جواز حكم القاضى بعلمه الشخصى ويمكنه  من خلال هذا الى الاعتماد بنفسه على محتوى قواعد البيانات فائقه الذكاء للحصول على معلومات تخص ما يعرض عليهم من نزاعات.
    ومن تلك النصوص المنثوره فى التشريعات فى النظام القضاء المصرى نص المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائيه والذى قرر قاعدة عامة بوقف أى دعوى مدنية مرفوعة بخصوص واقعه ما قد تحركت بشأنها الدعوى العمومية حتى تنتهى المحكمة الجنائية فيها بحكم نهائى وهو ما تناولته هذه القراءة الموجزه                  


    المبحث الأول : قاعدة الجنائى يوقف المدنى و الأساس القانونى لها
    تنص المادة 265 / 1 من قانون الإجراءات الجنائيه على أنه " إذا رفعت الدعوى المدنيه أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا فى الدعوى الجنائية المقامه قبل رفعها أو فى أثناء السير فيها "
    ومن المقرر قانونا أن قاعده الجنائى يوقف المدنى التى نصت عليها المادة سالفة البيان هى قاعدة من النظام العام إقتتضتها قاعدة حجية الأحكام الجنائيه فمتى كانت الدعوى المدنية تتضمن ما يفيد تعويض الضرر الناشىء عن فعل يعد جريمة فإنه يجب إبتداء أن يثبت قيام هذه الجريمه ونسبتها الى المتهم بحكم يصدر من المحكمة الجنائيه متى كانت الواقعة معروضة عليها  وما دامت هذه المحكمه لم تنتهى بعد الى رأى معين وجب على المحكمة المدنيه أن تتريث الى حين الفصل فى الدعوى الجنائية حتى تقيم حكمها على ما تنتهى إليه فيها إعمالا لمبدأ حجيه الأحكام الجنائيه  هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن منطق العدالة يقتضى مثل هذه النتيجة وهى وجوبيه وقف الدعوى المدنيه لحين الفصل فى الدعوى الجنائية وذلك لأن الواقعة الجنائيه تعتبر بالنسبة الى الدعوى المدنية مسألة أولية فى خصوص الحق المدعى به فى الدعوى المدنية ومن ثم فالمنطق يقتضى بوجوب الفصل فيها أولا من المحكمة الجنائيه بإعتبارها المحكمة المعبرة عن فكرة القضاء الطبيعى للواقعة الجنائيه متى كانت تلك الواقعة معروضة عليها فضلا عن منع أى تأثير قد يشوب عقيدة القاضى الجنائى  نتيجة الفصل فى تلك المسأله  من القضاء المدنى إذا صدر منه حكم إبتداء و غالبية الفقه على أن الخطورة التى يتمتع بها الحكم الجنائى وتعلقة بالمصلحه العامة للمجتمع خلافا للحكم الصادر فى مسأله مدنية هذة الخطورة جعلت من ترجيح حجية الحكم الجنائى بالنسبة للمحاكم المدنية مسأله يجب عدم الإفتئات عليها عدالة ومنطقا .
    ( يراجع المرصفاوى فى الدعوى المدنية  طبعه 1996 ص 443 وما بعدها )
    Scroll to Top