أكتوبر 2021 مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS أكتوبر 2021 - مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS \
  • أخر منشوراتنا

    الأحد، أكتوبر 31، 2021

    محكمة النقض قاعدة ضم حيازة السلف للخلف لا يحتج بها قبل من تلقى الحق من هذا السلف ( السلف المشترك)


    محكمة النقض قاعدة ضم حيازة السلف للخلف لا يحتج بها قبل من تلقى الحق من هذا السلف ( السلف المشترك)


    قضت محكمة النقض بأنه قاعدة ضم حيازة السلف للخلف لا يحتج بها قبل من تلقى الحق من هذا السلف وهى حالة ( السلف المشترك ) لإضافة مدة سلف لإطتمال مدة التقادم الكاسب للتملك و جاء بحيثيات هذا الحكم أنه "وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوي رقم ٣٦٧ لسنة ٩٩ مدني مركز دمياط الجزئية بطلب الحكم بفرز وتجنيب نصيبها في أرض وبناء عين التداعي التي آلت ملكيتها إليهم ميراثاً. أحالت المحكمة نزاع الأطراف في الملكية إلى المحكمة الابتدائية فقيد لديها برقم ١٠١٤ لسنة ٢٠٠٢ مدني رأس البر الابتدائية، وفيه طلب المطعون ضدهم من الثاني إلي الأخير تثبيت ملكيتهم لعين التداعي ومنع تعرض الطاعنة لهم في ملكيتهم على سند من شراء مورثتيهم العقار من والدهما - ووالد الطاعنة – بعقد مؤرخ ٦/٨/١٩٩٣ واكتسابهم الملكية بالحيازة المدة الطويلة. حكمت المحكمة برفض الدعوي، استأنف المطعون ضدهم – عدا الأولي – هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة – مأمورية دمياط – بالاستئناف رقم ٥٦٤ لسنة ٣٥ ق. ندبت المحكمة خبيراً، أودع تقريره، وبتاريخ ٦/٦/٢٠٠٦ حكمت بالإلغاء وبالطلبات، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

    وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ قضي بثبوت ملكية المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير لعقار النزاع بالتقادم بضم مدة حيازة والدها لحيازتهم استناداً إلى عقد بيع ابتدائي صادر منه لشقيقتيها مورثتا سالفي الذكر بتاريخ ٦/٣/١٩٩٣ رغم ما ثبت بتقرير الخبير المنتدب من انتفاء حيازة المورثتين والمطعون ضدهم للعقار، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

    وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في التقادم المكسب للملكية وفقاً لما تقضى به المادتان ٩٦٨، ٩٦٩ من التقنين المدني أن تتوافر للحائز الحيازة بعنصريها حتى تكون حيازة قانونية صحيحة ، ويجب على الحكم المثبت للتملك بالتقادم أن يعرض لشروط الحيازة فيبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدى إلى توافرها بحيث يبين منها أنه تحراها وتحقق من وجودها ، ومنها شرط توافر المدة ويتعين على المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تبحث ما يعترض هذه المدة من وقف أو انقطاع ، وأن قاعدة ضم مدة حيازة السلف إلى مدة حيازة الخلف لا تسري إلا إذا أراد المتمسك بها أن يحتج بها قبل غير من باع له ، أو غير من تلقى الحق ممن باع له ، بحيث إذا كان السلف مشتركاً فلا يجوز للحائز المتمسك بالتقادم أن يستفيد من حيازة سلفه لإتمام مدة الخمس عشرة سنة اللازمة لاكتساب الملكية بالتقادم قبل من تلقى الحق من هذا السلف، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق وتقرير الخبير المودع أمام محكمة الموضوع أن عقار التداعي مملوك أصلاً لمورث طرفي التداعي المرحوم ......... واستمرت حيازته له منذ تاريخ شرائه في عام ١٩٥٠ وقد تمسك المطعون ضدهم – عدا الأولي – بشراء مورثتيهم هدي ورئيسة شقيقتى الطاعنة العقار من والدهم بعقد مؤرخ ٦/٨/١٩٩٣، وكان الحكم المطعون فيه قد قضي بتثبيت ملكية سالفي الذكر للعقار علي سند من أن مدة الحيازة القانونية قد اكتملت بضم مدة حيازة البائع استناداً لعقد البيع الصادر منه، رغم أن الطاعنة خلف عام له فلا يحتج في مواجهتها بقاعدة ضم مدة حيازة السلف، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.

    الطعن رقم ١٤٠٨٣ لسنة ٧٦ قضائيةالدوائر المدنية - جلسة ٢٠٢١/٠٦/٢٨


    للإتصال بنا

    محكمة النقض قاعدة ضم حيازة السلف للخلف لا يحتج بها قبل من تلقى الحق من هذا السلف ( السلف المشترك) by FARHAT BLOGS LlBRARY on Scribd

    محكمة النقض الحكم بعدم دستورية نصوص رسوم الخمات الجمركية يسرى بأثر رجعى لأنه ليس صادرأ فى مواد ضريبية و إنما رسوم

    محكمة النقض الحكم بعدم دستورية نصوص رسوم الخمات الجمركية يسرى بأثر رجعى لأنه ليس صادرأ فى مواد ضريبية و إنما رسوم



    قضت محكمة النقض بأن الحكم بعدم دستورية نصوص رسوم الخمات الجمركية يسرى بأثر رجعى لأنه ليس صادرأ فى مواد ضريبية و إنما رسوم وجاء بحثيات الحكم "وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ قضي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوي استناداً إلى أن الحكم بعدم دستورية نص المادة ١١١ من قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ ليس له أثر رجعي وإنما أثره فوري، ولا حق له في استرداد ما سدد من رسوم خدمات حُصلت قبل صدور حكم الدستورية المشار إليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

    وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن - المقرر في قضاء محكمة النقض -أن الضريبة هي فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، يدفعونها بصفة نهائية دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها وهي تفرض مرتبطة بمقدرتهم التكليفية ولا شأن لها بما قد يعود عليهم من فائدة بمناسبتها أما الرسم فإنه يستحق مقابل نشاط خاص آتاه الشخص العام عوضاً عن تكلفته، لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة ٤٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ المعدلة بالقرار بقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨ أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحي عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء ذاتها . لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم ١٧٥ لسنة ۲۲ ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة ۱۱۱ من قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ وبسقوط الفقرة الثانية منها وكذا قراري وزير المالية رقمي ٢٥٥ لسنة ۱۹۹۳ ،۱۲۳ لسنة١٩٩٤ ،الخاصين بتقدير رسوم الخدمات الجمركية محل النزاع وهي نصوص غير ضريبية لتعلقها برسوم تجبيها الدولة جبراً من شخص معين مقابل خدمة تؤديها له السلطة العامة ، فيتعين تطبيق حكم الدستورية مار الذكر علي تلك النصوص منذ نشأتها، ويكون الحكم المطعون فيه إذ خلص إلي أن الطاعن بصفته لا يحق له استرداد ما سدده من رسوم خدمات حصلتها مصلحة الجمارك قبل صدور حكم الدستورية المشار إليه متخذاً من النصوص – المحكوم بعدم دستوريتها – أساساً لقضائه بإلغاء الحكم المستأنف القاضي برد هذه الرسوم، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه،

    الطعن رقم ١٦٦٣٢ لسنة ٧٦ قضائيةالدوائر المدنية - جلسة ٢٠٢١/٠٦/٢٨

    للإتصال بنا

    محكمة النقض طلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استناداً إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته كان سندا ً لصدور قرار بتحصيل هذه المبالغ هو منازعة مدنية يختص بها القضاء العادى دون الإدارى ولا يتصل بالقرار إداري ولا يتساند إليه

    محكمة النقض طلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استناداً إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته  كان سندا ً لصدور قرار بتحصيل هذه المبالغ هو منازعة مدنية يختص بها القضاء العادى دون الإدارى ولا يتصل بالقرار إداري ولا يتساند إليه



    قضت محكمة النقض بأن طلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استناداً إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته  كان سندا ً لصدور قرار بتحصيل هذه المبالغ هو منازعة مدنية يختص بها القضاء العادى دون الإدارى ولا يتصل بالقرار إداري ولا يتساند إليه , اليكم الحكم 
    بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر/ د. أيمن الحسيني والمرافعة وبعد المداولة.

    وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام علي المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوي رقم ٥٨٢٨ لسنة ٢٠٠٣ مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ مقداره ٣٧٧١٦,٢٤ جنيهاً مع فوائده القانونية حتي تاريخ السداد، وقال بياناً لذلك أنه استورد عدة رسائل تجارية حصلت عليها مصلحة الجمارك المبلغ المطالب به كرسوم خدمات دون وجه حق بموجب المادة ١١١ من قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ والقرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن، حكمت المحكمة بالطلبات، فاستأنف المطعون ضدهم بصفاتهم هذا الحكم بالاستئناف رقم ١٠٢ لسنة ٦٢ ق لدي محكمة استئناف الإسكندرية التي حكمت بتاريخ ١٣/٩/٢٠٠٦ بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوي، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة مصدرة الحكم ولائياً بنظر الدعوي وانعقاد الاختصاص بنظرها للقضاء الإداري، واحتياطياً: عدم قبول الطعن لرفعه علي غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث، وفي الموضوع بنقضه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .

    وحيث إنه عن دفع النيابة بعدم اختصاص المحكمة مصدرة الحكم ولائياً بنظر الدعوي وانعقاد الاختصاص بنظرها للقضاء الإداري.

    وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض – حسبما انتهي إليه قضاء هيئتها العامة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وكافة المنازعات التي لم تخرج عن اختصاصه بنص خاص، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، ولازم ذلك أنه إذا لم يوجد نص في الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل في النزاع لجهة أخرى غير المحاكم، فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقياً للقضاء العادي على أصل ولايته العامة، وكان النص في المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ مؤداه أن محاكم مجلس الدولة هي صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية سواء ما ورد منها على سبيل المثال بالمادة المشار إليها أو ما قد يثور بين الأفراد والجهات الإدارية بصدد ممارسة هذه الجهات لنشاطها في إدارة أحد المرافق العامة بما لها من سلطة عامة، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرار الإداري الذى لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه هو ذلك القرار الذى تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة، فإن شابه عيب انحدر به إلى درجة الانعدام أصبح واقعة مادية مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية ويخضعه لاختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات، وكانت الرسوم – وفقاً لما قررته المحكمة الدستورية العليا – من الفرائض التي تتأدى جبراً مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضاً عن تكلفتها وإن لم يكن في مقدارها، وإنه وإن كان للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاعها إلا أن ذلك مشروط بأن يحدد القانون نوع الخدمة والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التي لا يجوز تخطيها حتى لا تكون تلك الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خِدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها، وانطلاقًا من هذا النظر قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم ١٧٥ لسنة ۲۲ق "دستورية" بتاريخ ٥/٩/٢٠٠٤ بعدم دستورية نص الفِقرتين الأولى والأخيرة من المادة ١١١ من قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣الصادر بقرار رئيس الجمهورية، وبسقوط الفِقرة الثانية منها، وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم ٥٨ لسنة ١٩٦٣ والقرارين المعدلين له رقمي ١٠٠ لسنة ١٩٦٥ و٢٥٥ لسنة ١٩٩٣ وكذا قرار وزير المالية رقم ١٢٣ لسنة ١٩٩٤ والقرارين المعدلين له رقمي ١٢٠٨ لسنة ١٩٩٦ و٧٥٢ لسنة ١٩٩٧، وكان مفاد النص في المادتين ١٨١ و١٨٢ من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أورد حالتين يجوز فيهما للموفي أن يسترد ما أوفاه، أولاهما: الوفاء بدين غير مستحق أصلاً، وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء، وفى هذه الحالة يلتزم المدفوع له بالرد إلا إذا نسب إلى الدافع نية القيام بتبرع أو أي تصرف قانونى آخر، وثانيتهما: أن يتم الوفاء صحيحاً بدين مستحق الأداء ثم يزول السبب الذى كان مصدراً لهذا الالتزام، ولا يتصور في هذه الحالة أن يكون طالب الرد عالماً وقت الوفاء بأنه غير ملتزم بما أوفىَ لأنه كان ملتزماً به قانوناً، وسواء تم الوفاء اختياراً أو جبراً فإن الالتزام بالرد يقوم بمجرد زوال السبب، وكانت المطالبة بالرد عن طريق دعوى رد غير المستحق وهى إحدى تطبيقات دعوى الإثراء بلا سبب، إذ بزوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائماً إلا كواقعة مادية، وهى الواقعة التي يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع، كما أنها هي ذاتها التي ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق، وهذه الدعوى ذات طبيعة مدنية محضة ويختص بها القضاء العادي، ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إداري أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية، وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله، ذلك أن هذا السبب بمجرده لا يغير من الطبيعة الموضوعية لدعوى رد غير المستحق وهى الطبيعة المدنية المحضة، إذ لا عبرة بسبب الوفاء أياً كان، طالما أن دعوى رد غير المستحق لا تقوم على هذا السبب ولا على الوفاء المترتب عليه، وإنما تقوم لدى زواله وبطلان الوفاء كعمل قانونى وبقائه كواقعة مادية كما سلف القول، وباعتبار أن هذا هو أساس نشأة الالتزام في دعوى رد غير المستحق دون النظر إلى السبب الذى زال، وهو ما يترتب عليه أن موضوع المنازعة الحالية – بطلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استناداً إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته – لا يتصل بقرار إداري ولا يتساند إليه، ويدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة في نطاق اختصاص القضاء العادي، ويضحي الدفع المبدي من النيابة بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوي واختصاص القضاء الإداري بنظرها علي غير أساس.

    وحيث إن مبني الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، أن وزير المالية (المطعون ضده الأول) هو الذي يمثل وزارته دون غيره من موظفي المصالح التابعة له.

    وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل أن الوزير هو الذى يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة أو أسند صفة النيابة إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون ، ولما كان المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لمصلحة الجمارك أو غيرها من الإدارات التابعة لها فإن وزير المالية يكون ممثلها دون غيره من موظفيها فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوي وطعون، ومن ثم فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما لرفعه علي غير ذي صفة.

    وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته.

    وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ قضي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوي استناداً إلى أن الحكم بعدم دستورية نص المادة ١١١ من قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ ليس له أثر رجعي وإنما أثره فوري، ولا حق له في استرداد ما سدد من رسوم خدمات حُصلت قبل صدور حكم الدستورية المشار إليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

    وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن - المقرر في قضاء محكمة النقض -أن الضريبة هي فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، يدفعونها بصفة نهائية دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها وهي تفرض مرتبطة بمقدرتهم التكليفية ولا شأن لها بما قد يعود عليهم من فائدة بمناسبتها أما الرسم فإنه يستحق مقابل نشاط خاص آتاه الشخص العام عوضاً عن تكلفته، لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة ٤٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ المعدلة بالقرار بقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨ أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحي عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء ذاتها . لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم ١٧٥ لسنة ۲۲ ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة ۱۱۱ من قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ وبسقوط الفقرة الثانية منها وكذا قراري وزير المالية رقمي ٢٥٥ لسنة ۱۹۹۳ ،۱۲۳ لسنة١٩٩٤ ،الخاصين بتقدير رسوم الخدمات الجمركية محل النزاع وهي نصوص غير ضريبية لتعلقها برسوم تجبيها الدولة جبراً من شخص معين مقابل خدمة تؤديها له السلطة العامة ، فيتعين تطبيق حكم الدستورية مار الذكر علي تلك النصوص منذ نشأتها، ويكون الحكم المطعون فيه إذ خلص إلي أن الطاعن بصفته لا يحق له استرداد ما سدده من رسوم خدمات حصلتها مصلحة الجمارك قبل صدور حكم الدستورية المشار إليه متخذاً من النصوص – المحكوم بعدم دستوريتها – أساساً لقضائه بإلغاء الحكم المستأنف القاضي برد هذه الرسوم، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه،

    ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين تأييد الحكم المستأنف.

    لـــــذلك

    نقضت المحكمة: الحكم المطعون فيه، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم ١٠٢ لسنة ٦٢ ق استئناف الإسكندرية بتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام المطعون ضده الأول بصفته بالمصروفات و٣٠٠٠ جنيه مقابل أتعاب المحاماة. 




    للإتصال بنا

    محكمة النقض طلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استناداً إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته كان سندا ً لصد... by FARHAT BLOGS LlBRARY on Scribd

    الحكم بعدم دستورية نص البند (ه) من المادة (٥٠٢) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨ ، في مجال سريانها على هبة أى من الوالدين لولده .


    بعدم دستورية نص البند (ه) من المادة (٥٠٢) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨ ، في مجال سريانها على هبة أى من الوالدين لولده .



    باسم الشعب
    المحكمة الدستورية العليا
    برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

    وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

    وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

    بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع مــــن أكتوبر سنة 2021م، الموافق الثانى من ربيع الأول سنة 1443 هـ.
    أصدرت الحكم الآتي
    في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 97 لسنة 30 قضائية "دستورية".

    المقامة من
    عبد الجليل محمد أحمد عبد العليم
    ضــــد
    1- رئيس الجمهورية
    2- رئيس مجلس الوزراء
    3- وزير العدل
    4- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)
    5- الممثل القانونى للهيئة القومية للبريد
    6- داليا عبد الجليل محمد أحمد عبد العليم
    7- دعاء عبد الجليل محمد أحمد عبد العليم

    -----------------
    الإجـــراءات "
    بتاريخ الثالث عشر من مارس سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص البند "هــ" من المادة (502) من القانون المدني، فيما تضمنه من اعتبار الهبة لذى رحم محرم مانعًا من الرجوع في الهبة. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
    وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
    ---------------
    المحكمــــة "
    بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة.
    حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى كان قد أقام الدعوى 1360 لسنة 2006 مدنى كلى، أمام محكمة بورسعيد الابتدائية، ضد المدعى عليهم الخامس والسادسة والسابعة في الدعوى المعروضة، طالبًا الحكم باعتبار الهبة كأن لم تكن، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية بما فيها إلغاء التوكيل العام رقم 370/ هــ لسنة 2005 توثيق بورسعيد. وقال بيانًا لدعواه، إنه وهب لنجلتيه المدعى عليهما السادسة والسابعة نصيبه في تركة زوجته - والدتهما - سعاد أحمد حسن عطية، ويشمل حصة في شقتين بالعقار المبين بصحيفة الدعوى، ومبلغًا ماليًا بدفتر توفير لدى الهيئة القومية للبريد، وشقة يمتلكها بالعقار ذاته، وحرر لهما توكيلاً بالتصرف في تلك الأموال، إلا أنهما قد أغضبهما زواجه من أخرى، أنجبت له ولدين، فقدمتا ضده عدة بلاغات كيدية، كما أقامتا دعوى قضى فيها بإلزامه بأن يؤدى لهما نفقة شهرية، فضلاً عن أنه ملتزم بالإنفاق على زوجته وولديه، وكذا نفقة ومصروفات علاج شقيقه، مما أرهق كاهله، بعد أن زادت التزاماته المالية، الأمر الذى يوفر له العديد من الأعذار للرجوع في هبته، فأقام دعواه بالطلبات السالفة البيان.
    وأثناء نظر الدعوى بجلسة 29/ 1/ 2008، دفع بعدم دستورية نص البند "هـــ" من المادة (502) من القانون المدني، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
    وحيث إن المادة (502) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 تنص على أنه "يرفض طلب الرجوع في الهبة، إذا وجد مانع من الموانع الآتية: (أ) ...... (ب)........ (ج) .... (د) ...... (هـ) إذا كانت الهبة لذى رحم محرم...........".
    وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهى شرط قبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعى يبتغى من دعواه الموضوعية الترخيص له بالرجوع عن هبته لابنتيه، لقيام موجبات ذلك في حقه. وكان نص البند "هــ" من المادة (502) من القانون المدني يحول دون تحقيق مبتغاه، الأمر الذى يوفر له مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على هذا البند في مجال سريانه على هبة أي من الوالدين لولده، وبها يتحدد نطاق هذه الدعوى، دون سائر ما انطوى عليه نص هذا البند من أحكام لطبقات أخرى من ذوى رحم محرم.
    وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه مخالفة أحكام المادتين (2، 40) من دستور سنة 1971، المقابلة لأحكام المادتين (2، 53) من دستور سنة 2014، لمخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية، التي حضت على البر بالوالدين وعدم عقوقهما، وأكدت معظم مذاهبها على أحقية الوالد في الرجوع عن هبته لولده، دون أية أعذار، فضلاً عن انطواء النص على تمييز غير مبرر، بأن منع الواهب لولده من الرجوع في الهبة، حال أن غيره من الواهبين يجوز لهم الرجــــوع في الهبة إذا توافر عذر يبيح لهم ذلك.
    وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون نصوصه تمثل دائمًــا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
    متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعى للنص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - تندرج تحت المناعي الموضوعية، التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي معين لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي. ومن ثم، فإن المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه - الذي مازال ساريًا ومعمولاً بأحكامه - من خلال أحكام دستور سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
    وحيث إن القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948، قد خصص الكتاب الثاني منه للعقود المسماة، وأورد في الباب الأول منه العقود التي تقع على الملكية، وأفرد الفصل الثالث منه لعقد الهبة، في المواد من (486) حتى (504)، مبينـًا فيها أركان الهبة، وآثارها، والرجوع فيها، وموانع الرجوع، معرفـًا في المادة (486) الهبة بأنها عقد يبرم بين الأحياء، بموجبه يتصرف الواهب في ماله دون عوض، مع جواز أن يفرض الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين. ووفقـــًا للمادة (487)، لا تتم الهبة إلا إذا قبلها الموهوب له أو نائبه. ومن خصائص الهبة - على ما أوردت الأعمال التحضيرية للنص المطعـون فيه والتنظيم التشريعي للهبة - أنه يجوز الرجوع فيها رضاءً أو قضاءً إذا وجد عذر ولم يوجد مانع، وقد نظمها المشرع مراعيًا هذا الأصل، فأكد في المادة (500) من القانـون المدني على أنه "يجوز للواهب أن يرجع الهبة إذا قبل الموهوب له ذلك، فإذا لم يقبل، جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع، متى كان يستند في ذلك إلى عذر مقبول، ولم يوجد مانع من الرجوع. وتأكيدًا على جواز الرجوع في الهبة، وضع المشرع في المادة (501) من القانون ذاته أمثلة لهذه الأعذار، تيسيرًا على القاضي، كما حدد في المادة (502) من ذلك القانون، حصرًا لموانع الرجوع في الهبة، ومن بينها حالة الهبة لذى رحم محرم، ومن ذلك هبة أي من الوالدين لولده. ومؤدى العبارة الواردة بصدر نص تلك المادة من أن " يرفض طلب الرجوع في الهبة "، نهي القضاة عن التعرض لموضوع الرجوع، أيـًا كانت الأعذار التي بني عليها، إذا توافر أحد موانع الرجوع الواردة في تلك المادة، عملاً بقاعدة جواز تقييد القاضي بالزمان والمكان والأحداث والأشخاص. وشرط صحة تلك القاعدة أن يكون النهى مؤسسًا على أسباب موضوعية، ترتبط بالغاية المتوخاة منه.
    وحيث إنه عن نعى المدعى مخالفة النص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - لمبادئ الشريعة الإسلامية، ونص المادة الثانية من الدستور، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، طبقًا لنص المادة الثانية من الدستور الصادر سنة 1971، بعد تعديلها بتاريخ 22/ 5/ 1980 - وتقابلها المادة الثانية من الدستور الحالي الصادر سنة 2014 - لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصـدر بعد التاريخ الذي فُـرض فيه هذا الإلزام، بحيث إذا انطـوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إعمال حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها، لصدورها فعلاً من قبله، في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائمًا، واجب الإعمال، ومن ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن إعمال هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية، وهو القيد الذي يبقى قائمًا وحاكمًا لتلك التشريعات، بعد أن ردد الدستور الحالي الصادر سنة 2014، الأحكام ذاتها في المادة الثانية منه. وحيث كان ما تقدم، وكان نص البند (هـ) من المادة (502) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 لم يلحقه أي تعديل بعد تاريخ 22/ 5/ 1980، مما كان لزامه عدم خضوعه لقيد الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية، والمادة الثانية من الدستور، إلا أنه بالرغم من ذلك، وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني، فقد استقى المشرع الأحكام الموضوعية للهبة من أحكام الشريعة الإسلامية.
    وفي شأن مدى جواز الرجوع في الهبة، أخذ بمذهب الفقه الحنفي، الذي أجاز الرجوع في الهبة إذا توافر العذر المبرر، وانعدم المانع، ويشمل عدم جواز الرجوع في الهبة لذى رحم محرم، ومن ذلك هبة الوالد لولده، على سند من أن الغاية من الهبة في هذه الحالة صلة الأرحام، وقد تحققت بصدور الهبة. وإذ كان الرأي الذى تبناه المشرع في هذا الشأن لا يخرج عن كونه اجتهادًا في الفقه الحنفي، فقد ذهب مالك والشافعي وابن حنبل وعلماء المدينة إلى جواز رجوع الوالد في هبته لولده، وهو ما يعرف باعتصار الهبة، أي أخذ المال الموهوب قسرًا عن الابن، مستدلين في ذلك بحديث طاووس من أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال " لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا الوالد فيما يهب لولده"، وفى رواية أخرى " لا يحل للرجل أن يعطى عطية أو يهب هبة ويرجع فيها إلا الوالد فيما يهب لولده"، وفى رواية ثالثة " لا يرجع الواهب في هبته إلا الوالد فيما يهب لولده". وقد دل الفقهاء باختلافهم هذا على عدم وجود نص قطعي الثبوت أو الدلالة، أو بهما معًــا في مبادئ الشريعة الإسلامية، يحكم هذه المسألة، ومن ثم تعتبر من المسائل الظنية التي يرد عليها الاجتهاد، وتلك المسائل بطبيعتها متطورة، تتغير بتغير الزمان والمكان، وإذا كان الاجتهاد فيها وربطها منطقيًّــا بمصالح الناس حقًــا لأهل الاجتهاد، فأولى أن يكون هذا الحق لولى الأمر، ينظر في كل مسألة بخصوصها بما يناسبها، وبمراعاة أن يكون الاجتهاد دومًــا واقعًــا في إطار الأصول الكلية للشريعة لا يجاوزها، ملتزمًــا ضوابطها الثابتة، متحريًــا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة، بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستلزمًــا في ذلك كله حقيقة أن المصالح المعتبرة هى تلك التى تكون مناسبة لمقاصد الشريعة ومتلاقية معها، ومن ثم كان حقًــا لولى الأمر عند الخيار بين أمرين مراعاة أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، وكان واجبًــا عليه كذلك ألا يشرع حكمًــا يضيق على الناس أو يرهقهم في أمرهم عسرًا، وإلا كان مصادمًا لقوله تعالى " مَا يُرِيدُ اللًّه ليَجعَلَ عَلَيكُم في الدين من حَرَجِ ".
    وحيث إن نص البند (هـ) من المادة (502) من القانون المدني، منع الرجوع في الهبة لذي رحم محرم، وقد ورد هذا النص بصيغة عامة ومطلقة، ليشمل هبة أي من الوالدين لولده. واستقى المشرع هذا المانع من المذهب الحنفي، منتهجًا بذلك نهجًــا مخالفًــا لاجتهاد باقي المذاهب الإسلامية، معللاً ذلك المانع بتحقق غاية الواهب من الهبة، ممثلة في صلة الرحم. وقد صدَّر المشرع نص تلك المادة بعبارة " يرفض طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية ....."، مما مؤداه نهى القضاء عن بحث الأعذار التي قد تحل بالوالد الواهب وتستدعى رجوعه في الهبة، وإن كانت تلك الأعذار من بين الأمثلة التي ورد النص عليها في المادة (501) من ذلك القانون، ومن ذلك: " أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو نحو أحد أقاربه، بحيث يكون هذا الإخلال جحودًا كبيرًا من جانبه، أو أن يصبح الواهب عاجزًا عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية، أو يصبح غير قادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من نفقة على الغير ". ومؤدى ذلك أن النص المطعون فيه، وإن وقع في دائرة الاجتهاد المباح شرعًا لولي الأمر، إلا أنه - في حدود نطاقه المطروح في الدعوى المعروضة - يجعل الوالد الواهب في حرج شديد، ويرهقه من أمره عسرًا، ويعرضه لمذلة الحاجة بعد أن بلغ من العمر عتيّا، إذا ما ألمت به ظروف أحوجته لاسترداد المال الموهوب، وامتنع الابن عن إقالته من الهبة، إضرارًا به، مستغلاً في ذلك المانع الوارد بالنص المطعون فيه، الذى يحول بين الوالد والحصول على ترخيص من القضاء بالرجوع في الهبة، ضاربًا عرض الحائط بالواجب الشرعي لبر الوالدين، والإحسان إليهما، وصلتهما، وطاعتهما في غير معصية، والامتناع عن كل ما يفضى إلى قطيعتهما. فضلاً عن أن ما توخاه المشرع من ذلك المانع، بالحفاظ على صلة الأرحام، ينافيه مواجهة حالة جحود الأبناء، وعقوقهم لوالديهم. ومن ثم يكون منع القضاء من الترخيص للوالد بالرجوع في هبته لولده، ولو كان هناك عذر يبيح له ذلك، مصادمًــا لضوابط الاجتهاد والمقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، ومخالفًا بذلك نص المادة (2) من الدستور.
    وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القيم الدينية والخلقية لا تعمل بعيدًا أو انعزالاً عن التقاليد التي تؤمن بها الجماعة، بل تعززها وتزكيها بما يصون حدودها ويرعى مقوماتها، ومن أجل ذلك جعل الدستور في المادة (10) منه، قوام الأسرة الدين والأخلاق والوطنية، كما جعل الأخلاق والقيم والتقاليد، والحفاظ عليها والتمكين لها، التزامًا على عاتق الدولة بسلطاتها المختلفة، والمجتمع ككل، وغدا ذلك قيدًا على السلطة التشريعية، فلا يجوز لها أن تسن تشريعًا يخل بها، ذلك أنه، وفقًــا لنص المادة (92) من الدستور، وإن كان الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق والحريات أنها سلطة تقديرية، إلا أن المشرع يلتزم فيما يسنه من قوانين باحترام الأُطر الدستورية لممارسته اختصاصاته، وأن يراعى كذلك أن كل تنظيم للحقوق، لا يجوز أن يصل في منتهاه إلى إهدار هذه الحقوق أو الانتقاص منها، ولا أن يرهق محتواها بقيود لا تكفل فاعليتها. الأمر الذي يضحى معه النص المطعون عليه، فيما تضمنه من رفض طلب رجوع الوالد في هبته لولده، إذا وجد مانع، مخالفًا أيضًا - نصي المادتين (10، 92) من الدستور.

    وحيث إنه عن النعي بإخلال النص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - بحق الواهب لولده، دون غيره من الواهبين لغير ذي رحم محرم، في الحصول على ترخيص من القضاء بالرجوع في الهبة عند توافر العذر، فإن ما نص عليه الدستور في المادة (97) من أن " التقاضي حق مصون ومكفول للكافة "، قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته، من الحقوق العامة المقررة للناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال النفاذ إليه، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية في سعيهم لرد الإخلال بالحقوق التي يدعونها ولتأمين مصالحهم التي ترتبط بها، مما مؤداه أن قصر مباشرة حق التقاضي على فئة من بينهم أو الحرمان منه في أحوال بذاتها، أو إرهاقه بعوائـق منافية لطبيعته، إنما يُعد عملاً مخالفًا للدستور الذي لم يجز إلا تنظيم هذا الحق، وجعل الكافة ســواء في الارتكان إليه، ومن ثم، فإن غلق أبوابـه دون أحدهم أو فريق منهم، إنما ينحل إلى إهداره، ويكرس بقاء العدوان على الحقوق التي يطلبونها، وعدم حصولهم على الترضية القضائية باعتبارها الغاية النهائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على تلك الحقوق.
    وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه في المادة (53) من الدستور الحالي، ورددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، التي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التي تتحد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية.
    وحيث إن الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكـون منطويًا على تقسيم، أو تصنيف، أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض، أو عن طريق المزايا، أو الحقوق التي يكفلها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور، يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعًا محددًا، عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التي توخاها، بالوسائل المؤدية إليها، منطقيًـا، وليس واهيًا أو واهنًــا، بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًا. ومرد ذلك، أن المشرع لا ينظم موضوعًا معينًا تنظيمًا مجردًا أو نظريًا، بل يتغيا بلوغ أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها إطارًا لمصلحة عامة لها اعتبارها، يقوم عليها هذا التنظيم، متخذًا من القواعد القانونية التي أقرها، مدخلاً لها، فإذا انقطع اتصال هذه القواعد بأهدافها، كان التمييز بين المواطنين في مجال تطبيقها، تحكميًا، ومنهيًا عنه بنص المادة ( 53) من الدستور.
    وحيث كان ما تقدم، وكان الواهبون لأموالهم، على اختلاف حالاتهم، وأغراضهم منها، في مركز قانوني متكافئ، وقد أجاز المشرع - على ما سلف بيانه - للواهب الرجوع في الهبة إذا ألمت به ظروف وأعذار تستدعى هذا الرجوع، وامتنع الموهوب له عن إقالته من الهبة، وناط المشرع بالقاضي سلطة تقديرية في شأن بحث جدية الأعذار التي يبديها الواهب في هذا الشأن، ويقضى على ضوء ذلك، إلا أن المشرع خرج عن هذا الأصل، وأورد حالات لمنع الرجوع في الهبة، ضمنها نص المادة (502) من القانون المدني، من بينها هبة الوالد لولده، مانعًا القضاء من بحث الأعذار التي يسوقها الوالد في هذا الشأن، الأمر الذى يحول بينه والحصول على الترضية القضائية، لمجرد توافر هذه القرابة بينه والموهوب له. فضلاً عن أن الغاية التي توخاها المشرع من ذلك المنع، وهى الحفاظ على صلة الرحم، لم يراع فيها مواجهة عقوق الابن الموهوب له، إذ امتنع طواعية عن إقالة والده من الهبة في هذه الحالة، بما يزكي هذا العقوق، حال أن المشرع أجاز في المادة (501) من القانون المدني الترخيص للواهب بالرجوع في الهبة إذا أخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو أحد أقاربه، بحيث يكون هذا الإخلال جحودًا كبيرًا من جانبه. ومؤدى ذلك أن المانع الوارد بالنص المطعون فيه، فضلاً عن عدم ارتباط الوسيلة التي أوردها في ذلك النص، بالغاية المتوخاة منها، فإنه يخل بمبدأ المساواة بين الواهبين المتماثلة مراكزهم في الحصول على الترضية القضائية، وذلك لغير سبب موضوعي، بالمخالفة لنصى المادتين (53، 97) من الدستور.
    فلهذه الأسباب
    حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (هــ) من المادة (502) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948، في مجال سريانها على هبة أي من الوالدين لولده، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


    للإتصال بنا

    الحكم بعدم دستورية نص البند (ه) من المادة (٥٠٢) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨ ، في مج... by FARHAT BLOGS LlBRARY on Scribd

    الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت عليه من إسناد الفصل في الطعن على القرارات الصادرة عن مجلس النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة، إلـى محكمة النقض

    الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت عليه من إسناد الفصل في الطعن على القرارات الصادرة عن مجلس النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة، إلـى محكمة النقض



    باسم الشعب
    المحكمة الدستورية العليا
    بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من أكتوبر سنة 2021م، الموافق الثاني من ربيع الأول سنة 1443 هـ.
    برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

    وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

    وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

    أصدرت الحكم الآتي

    فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 58 لسنة 40 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية)، بحكمها الصادر بجلسة 22/ 10/ 2017، ملف الدعوى رقم 76882 لسنة 69 قضائية.

    المقامة من
    مارينا عماد فــوزى
    ضـد
    1- نقيب الصيادلة
    2- وزير التعليــم العالي، بصفته رئيس المجلس الأعلى للجامعات

    ---------------
    الإجـراءات "
    بتاريخ الثاني من مايو سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 76882 لسنة 69 قضائية، بعد أن حكمت الدائرة الثانية بمحكمـــة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 22/ 10/ 2017، بوقف الدعوى تعليقيًا، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

    --------------
    المحكمة "
    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
    حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 9/ 2015، أقامت المدعية الدعوى رقم 76882 لسنة 69 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد نقيب الصيادلة وآخر، طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار نقابة الصيادلة السلبى، بالامتناع عن قيدها بجدول النقابة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تسليمها كارنيه النقابة، على سند من القول بأنها حصلت على شهادة Clinical Pharmacist من دولة أوكرانيا، وتمت معادلة الشهادة بقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 270 بتاريخ 28/ 1/ 2014، بدرجة البكالوريوس في الصيدلة، التي تمنحها الجامعات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، بشرط دراستها واجتيازها بنجاح للامتحان في مقرر (التشريعات الصيدلية). وعلى الرغم من اجتيازها هذا الامتحان، فإن نقابة الصيادلة امتنعت عن قيدها بالجدول العام بالمخالفة للقانون، رغم استيفائها الأوراق والمستندات اللازمة لقيدها، مما يحول دون ممارسة حقها الدستوري في العمل. وبجلسة 22/ 10/ 2017، قضت المحكمة بوقف الدعوى تعليقيًّا، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بالنقابة.
    وحيث إن المادة (3) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة تنص على أنه " تنشأ بالنقابة الجداول الآتية: (أ) الجدول العام، يقيد فيه كل من استوفى الشروط الآتية بعد سداد رسم القيد فيه وقدره خمسة جنيهات: 1- أن يكـون حاصلاً على درجــة بكالوريوس في الصيدلة والكيمياء الصيدلية أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المعترف بها. ............". وتنص المادة (4) على أن " تقدم إلى مجلس النقابة، طلبات القيد في الجداول مع الأوراق الدالة على توافر الشروط المنصوص عليها في هذا القانون، وفى قانون مزاولة المهنة، وفى اللائحة الداخلية للنقابة، وتعتبر الأقدمية المهنية من تاريخ التقدم بطلب القيد في الجدول العام".
    وتنص المادة (5) على أن " تشكل لجنة لقيد الصيادلة في جدول النقابة برئاسة وكيل النقابة وعضوين من مجلس النقابة يختارهما المجلس. ويجب أن تصدر اللجنة قرارها خلال شهر من تاريخ تقديم طلب القيد إلى النقابة، وفى حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببًا. ويخطر الطالب بقرار اللجنة خلال أسبوعين من صدوره، وذلك بخطاب مسجل مع علم الوصول. ويقوم مقام الإخطار تسلم الطالب صورة منه بإيصال موقع عليه منه. ويجوز لمن صدر القرار برفض قيده أن يتظلم منه إلى مجلس النقابة خلال شهر من تاريخ إخطاره بالقرار".
    وتنص المادة (6) على أن " ينظر مجلس النقابة في التظلمات من قرارات لجنة القيد المنصوص عليها في المادة الخامسة، على ألا يكون لأعضاء هذه اللجنة صوت معدود في قرار المجلس بقبول التظلم أو رفضه. ولمن صدر قرار برفض تظلمه أن يطعن فيه أمام محكمة النقض خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه بالقرار".
    وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها.
    متى كان ذلك، وكانت محكمة القضاء الإدارى قد ارتأت أن الفصل في موضوع الدعوى المعروضة عليها، يتطلب ابتداء الفصل في دستورية ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (6) من قانون إنشاء نقابة الصيادلة المشار إليه، من إسنادها الاختصاص لمحكمة النقض بالفصل في الطعون على القرارات الصادرة عن النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة. وكان بحث الاختصاص سابقًا بالضرورة على التعرض للموضوع، باعتباره من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية المحكمة في نظره والفصل فيه. ومن ثم، يكون الفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة السالفة الذكر، أمرًا لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، وتتحقق به المصلحة في الدعوى المعروضة، والتى يتحدد نطاقها فيما ورد بتلك الفقرة من تحديـد المحكمة المختصة بنظر الطعـون المار بيانها.
    وحيث إن حكم الإحالة ينعى على الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون المشار إليه (النص المحال)، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة، أنه جاء مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولـــــة، دون غيره من جهات القضاء، هو صاحب ولاية الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي.
    وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري، بدءًا من دستور سنة 1971، قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه، جهة قضائية قائمة بذاتهـا، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعـلان الدستوري الصـادر بتاريخ 30/ 3/ 2011، الذى أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه، والمادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/ 12/ 2012، والمادة (190) من الدستور الحالي التي تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ......... ". ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًّا يقضي بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصـل في القضايـا، ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وهو ما انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011، ونص المادة (75) من الدستور الصادر بتاريخ 25/ 12/ 2012، وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في المادة (97) منه، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية. وإذ كان المشرع الدستوري بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن " ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي "، فقد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها.
    وفى ضوء الأحكام المتقدمة، فقد غدا مجلس الدولة قاضى القانون العام؛ وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقته. وحيث إن الدستور الحالي قد نص في مادته (76) على أن " إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عـن حقوقهم، وحماية مصالحهم". كما نص في المادة (77) منه على أنه " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية".
    وحيث إن البين من مطالعة أحكام قانون إنشاء نقابة الصيادلة المار ذكره، أنه أنشأ النقابة لتضم المشتغلين بمهنة الصيدلة، ومنحها الشخصية المعنويــــة المستقلة، وخولهــا حقوقًا مـن نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت بين مقومات الهيئة العامة وعناصرها من شخصية مستقلة ومرفق عام، تقوم عليه، مستعينة في ذلك ببعض مزايا السلطة العامة التى منحها لها القانون، تمكينًا لها من أداء المهام الموكلة لها في خدمة المهنة القائمة عليها، ورعاية أعضائها، والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، ومن أجل ذلك جعل عضويتها إجبارية على المشتغلين بمهنة الصيدلة، كما ألزم المنتمين للنقابة بأداء رسم قيد واشتراكات سنوية.
    وحيث إن المشرع قد أنشأ بموجب المادة (3) من قانون إنشاء نقابة الصيادلة المشار إليه، جدولاً لقيد أعضاء النقابة، على أن تتولى هذا القيد اللجنة المنصوص عليها في المادة (5) منه، المشكلة برئاسة وكيل النقابة، وعضوية اثنين من مجلس النقابة يختارهما المجلس، وتُصدر اللجنة قرارها خلال شهر من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حال رفضه يجب أن يكون قرارها مسببًا، ويُخطر الطالب بالقرار خلال أسبوعين من تاريخ صدوره، بكتاب مسجل مع علم الوصول، وأجاز المشرع - في المادة (6) النص المُحال - لمن رُفض طلب قيد اسمه في الجدول أن يتظلم إلى مجلس النقابة خلال شهر من تاريخ إخطاره بالقرار، وفى حالة صدور قرار برفض تظلمه، فله أن يطعن فيه أمام محكمة النقض، خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه بالقرار.
    وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النقابات المهنية، ومن بينهـا نقابـة الصيادلة، تُعد مـن أشخاص القانون العام، وهي إحدى المرافق العامة، التى منحها قانون إنشائها، وهيئاتها، ومنها لجنة القيد، قـدرًا من السلطة العامة، فــإن لازم ذلك أن القرارات الصادرة عن مجلس النقابة أو لجنة القيـد، قـرارات إدارية، والمنازعة فيها - ومن بينها القرارات الصادرة عن مجلس النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة - من قبيل المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى، دون غيرها، طبقًــــا لنص المادة (190) من الدستور. وإذ أسند نص الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، الفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض، التابعة لجهة القضاء العادى، فإن مسلك المشرع، على هذا النحو، يكون مصادمًـا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى، بمقتضاه، مجلس الدولة، دون غيره، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستورية هذا النص.
    فلهذه الأسباب
    حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت عليه من إسناد الفصل في الطعن على القرارات الصادرة عن مجلس النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة، إلـى محكمة النقض.

    للإتصال بنا

    الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت... by FARHAT BLOGS LlBRARY on Scribd

    المحكمة الدستورية العليا غير مختصة بفض التنازع بين أحكام هيئات التحكيم لصدورهم من جهة قضائية واحدة

    المحكمة الدستورية العليا غير مختصة بفض التنازع بين أحكام هيئات التحكيم لصدورهم من جهة قضائية واحدة


    باسم الشعب
    المحكمة الدستورية العليا
    بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع مــــن أكتوبر سنة 2021م، الموافق الثاني من ربيع الأول سنة 1443 هـ.
    أصدرت الحكم الآتي
    برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة .

    وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

    وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

    فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 37 لسنة 41 قضائية "تنازع".

    المقامة من
    الشركة القابضة لمصر للطيران
    ضـد
    شركة شبه الجزيرة للنشر، ويمثلها قانوناً مصطفى حسين عمر

    ------------------

    الإجراءات "

    بتاريخ الرابع والعشرين من أغسطس سنة 2019، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، أولاً : بصفة مستعجلة، وقف تنفيذ الحكم الصادر في دعوى التحكيم رقم 440 لسنة 2005، الصادر بجلسة 28/ 12/ 2006، لحين الفصل في الدعوى المعروضة. ثانيًا : وفى الموضوع، عدم الاعتداد بالحكم المشار إليه، والاستمرار في تنفيذ حكم التحكيم الصادر بجلسة 17/ 5/ 2010، في الدعوى رقم 621 لسنة 2009، المقامة من الشركة المدعى عليها ضد الشركة المدعية، الذى أصبح نهائيــــًّا بموجـب حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بجلسة 22/ 5/ 2016، في الدعوى رقم 1 لسنة 131 قضائية، القاضى بعدم قبول دعوى البطلان المقامة عن هذا الحكم. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 28/ 8/ 2021، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، وصرحت للشركة المدعية بتقديم مذكرات في غضون عشرة أيام، قدمت خلالها مذكرة، صممت فيها على الطلبات، وضمنت المذكرة دفعًا بعدم دستورية الفقرة (ثالثــــًا) من المادة (25) من قانون هذه المحكمة، فيما اشترطته من أن يكون الحكمان محل طلب فض تناقض التنفيذ صادرين من أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي.

    -----------------
    المحكمـة "
    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
    حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية كانت قد تعاقدت بتاريخ 11/ 7/ 1992، مع الشركة المدعى عليها لإصدار " مجلة حورس " على طائرات مصر للطيران، لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/ 1/ 1992 حتى 31/ 12/ 1994، على أن يُجدد العقد تلقائيــــًا ما لم يُخطر أحد الطرفين الآخر كتابة بعدم رغبته في التجديد. وقد تجدد العقد لمدة تنتهى في 31/ 12/ 2006. وبتاريخ 30/ 6/ 2004، وجهت الشركة المدعية خطابـــًا إلى الشركة المدعى عليها بإنهاء العقد، التي ارتأت أن إنهاء العقد في هذه الحالة مخالف لشروطه، ويلحق بها أضرارًا، فأقامت ضد الشركة المدعية دعوى التحكيم رقم 440 لسنة 2005، أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبجلسة 28/ 12/ 2006، قضت هيئة التحكيم بإلزام الشركة المدعية بأن تؤدى للشركة المدعى عليها مبلغ مائتي ألف جنيه إسترليني، تعويضـًا عما أصابها من أضرار جراء عدم التزام قرار إنهاء التعاقد بشرط الإخطار قبل موعد الإنهاء بسنة كاملة. فأقامت الشركة المدعية الدعويين رقمى 29 و104 لسنة 124 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، طالبة الحكم ببطلان حكم التحكيم المشار إليه، وبجلسة 6/ 5/ 2008، قضت المحكمة بإجابتها لطلباتها. طعنت الشركة المدعى عليها على هذا الحكم أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 10166 لسنة 78 قضائية، وبجلسة 14/ 2/ 2013، قضت المحكمة بنقض الحكم، وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها من جديد بهيئة أخرى. ونفاذًا لذلك نظرت محكمة استئناف القاهرة الدعويين المار ذكرهما، وبجلسة 22/ 5/ 2016، قضت برفضهما. فطعنت الشركة المدعية على هذا الحكم أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 10765 لسنة 86 قضائية، وبجلسة 1/ 2/ 2017، قضت المحكمة بعدم قبول الطعن.
    وإبان نظر الطعن بالنقض المار ذكره أقامت الشركة المدعى عليها دعوى تحكيم جديدة برقم 621 لسنة 2009، ضد الشركة المدعية، أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، بطلب إلزامها بأداء مبلغ مليون وأربعة آلاف ومائتين وتسعة عشر جنيهــًا إسترلينيـــًا، تعويضـــًا لها عن الأضرار التي لحقتها جراء إنهاء العقد، وبجلسة 17/ 5/ 2010، قضت هيئة التحكيم برفض الدعوى، فأقامت الشركة المدعى عليها دعوى ببطلان هذا الحكم، أمام محكمة استئناف القاهرة، قُيدت برقم 1 لسنة 131 قضائية، وبجلسة 22/ 5/ 2016، قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، فطعنت الشركة المدعى عليها على الحكم أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 10454 لسنة 86 قضائية، وبجلسة 25/ 7/ 2018، قضت المحكمة بعدم قبول الطعن. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تناقضـًا بين الحكم الصادر عن هيئة التحكيم بجلسة 17/ 5/ 2010، في دعوى التحكيم رقم 621 لسنة 2009، والحكم الصادر من الهيئة ذاتها في دعوى التحكيم رقم 440 لسنة 2005، وأن الحكم الأول أصبح نهائيـًا وفصل في موضوع النزاع بقضاء حاز حجية الأمر المقضى، وذُيل بالصيغة التنفيذية بتاريخ 31/ 12/ 2013، على حين أضحى الحكم الثانى نهائيـًا في تاريخ لاحق، وأنهما حكمان نهائيان، ومتناقضان في حسم موضوع النزاع ذاته، على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًـــا، فقد أقامت الدعوى المعروضة.
    وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين طبقـــًا للبند "ثالثا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون أحد الحكمين صادرًا من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معـــًا. مما مؤداه : أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين أحكـــام أكثر من جهة مـــن جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى هـــــو الذى تختص به هذه المحكمة، ولا تمتد ولايتها بالتالى إلى فض التناقض بين الأحكام الصادرة من محاكم تابعة لجهة واحدة منها، ذلك أن المحكمة الدستورية العليا لا تعتبر جهة طعن في هذه الأحكام، ولا اختصاص لها بالتالى بمراقبة التزامها حكم القانون أو مخالفتها لقواعده، تقويمـــًا لاعوجاجها وتصويبـــًا لأخطائها، بل يقتصر بحثها على المفاضلة بين الحكمين النهائيين المتناقضين، على أساس من قواعد الاختصاص الولائى لتحدد - على ضوئها - أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقها بالتالى بالتنفيذ.
    وحيث إن الأصل في التحكيم - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه وسيلة فنية لها طبيعة قضائية، غايتها الفصل في نزاع محدد، مبناه علاقة محل اهتمام من طرفيها، وركيزته اتفاق خاص بين متنازعين لعرض ما بينهما من خلافات على مُحَكّم من الأغيار يعين باختيارهما، أو بتفويض منهما، أو على ضوء شروط يحددانها. ويستمد المحكم سلطته من هذا الاتفاق ليفصل في ذلك النزاع بقرار يكون نائيـــًا عن شبهة الممالأة، مجردًا من التحامل، وقاطعـــًا لدابر الخصومة التى أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلاً من خلال ضمانات التقاضى الرئيسية. وبذلك، فإن التحكيم عمل اختيارى حر، وبإرادة أطرافه، ويعتبر نظامـــًا بديلاً عن القضاء فلا يجتمعان؛ إذ إن مقتضاه عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التى انصب عليها، استثناءً من أصل خضوعها لولايتها. واحترامــــًا لتلك الإرادة، واعترافـــًا بحجية أحكام التحكيم ووجوب نفاذها من جهة ، ومواجهة الحالات التى يصاب فيها حكم التحكيم بعوار ينال من مقوماته الأساسية، ويدفعه إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة من جهة أخرى، أقام المشرع توازنـــًا دقيقـــًا بين هذين الأمرين من خلال سماحه بإقامة دعوى البطلان الأصلية، بشروط محددة، في شأن حكم التحكيم، مستصحبـــًا الطبيعة القضائية لهذا الحكم، ليسوى بينه وبين أحكام المحاكم القضائية بصفة عامة، من حيث جواز إقامة دعوى بطلان أصلية في شأنها، احترامـــًا للضمانات الأساسية في التقاضى، وبما يؤدى إلى إهدار أى حكم يفتقر في مصدره إلى المقومات الأساسية للأحكام القضائية.
    وحيث إن اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساســـًا إلى كل من اتفاق التحكيم وقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، الذى أجاز استثناءً سلب ولاية جهات القضاء، وأن المحكم لا يستمد سلطته من اتفاق التحكيم وحده وإنما من إرادة المشرع التى تعترف به، وأن هيئة التحكيم تفصل في الخصومة محل دعوى التحكيم، بحكم حاسم حائز لقوة الأمر المقضى منذ صدوره، ومُلزم للأطراف المحتكمين، قابل للتنفيذ إذا تفادى أسباب البُطْلان، وتَحَقَّقَ القضاء العام في الدولة من خُلوه من العُيوب الجَوهَرية التى قد تُبْطله، وفقًا لأحكام المادتين (53، 54) من ذلك القانون. وبصدور الأمر القضائى بتنفيذه، يُعد حكم التحكيم صالحـــًا لوضع الصيغة التنفيذية عليه، ويُعامل باعتباره سندًا يتم التنفيذ الجبرى بمقتضاه، شأنه شأن أحكام القضاء، لتتوافر لهيئة التحكيم - والحالة هذه - سِمات الهيئات ذات الاختصاص القضائى، وتُعتبر أحكامها أعمالاً قضائية، على نحو ما تَـــواترتْ عليه أحكام التنازع الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا من الاعِتداد بأحكام هيئات التحكيم، وإنْزَالها مَنْزلة الأحكام الصادرة عن الهيئات ذات الاختصاص القضائى، في مفهوم نص المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، واعتبارها حدًا من حدى التناقض في الدعاوى المقامة لفض التناقض القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين أحدهما صادر من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، في ضوء الحكم الوارد بنص البند " ثالثًا " من المادة (25) السالفة الذكر.
    وحيث كان ما تقدم، وكان الحكمان المدعى تناقضهما صادرين عن هيئتى تحكيم تابعتين لجهة واحدة، وسندُ الاختصاص الولائى الاستثنائى لهما مصدر تشريعى واحد، هو قانون التحكيم في المواد التجارية والمدنية المشار اليه، وكان هذا التناقض - بفرض قيامه - لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، بحسبانها ليست جهة طعن في الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم أو جهات القضاء على تباينها، ومن ثم فإن شروط قبول دعوى التناقض طبقًا لقانون هذه المحكمة - ووفقًا لما جرى عليه قضاؤها - تكون متخلفة في شأن الدعوى المعروضة، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
    وحيث إنه عن الدفع المبدى من الشركة المدعية بعدم دستورية ما تضمنه نص البند ثالثًــــا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، من إطلاق اشتراط أن يكون الحكمان محل طلب الفصل في تناقض تنفيذ الأحكام، صادر أحدهما من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، وذلك كشرط لانعقاد اختصاص هذه المحكمة بالفصل في دعوى تناقض تنفيذ الأحكام، فإن هذا الدفع، في حقيقته، ينحل إلى طلب حث هذه المحكمة على استعمال رخصة التصدى المخولة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها، الذى يتطلب أن يكون النص الذى يرد عليه التصدى متصلاً بالنزاع المطروح عليها. وترتبط ممارسة هذه الرخصة في مجال الفصل في تناقض الأحكام بطبيعة ذلك الاختصاص، القائم حسمه على قواعد الاختصاص الولائى، والنصوص الحاكمة له، التى يتحدد بها إطار ممارسة هذه الرخصة في هذا الشأن.
    وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى أن الحكمين النهائيين المدعى وقوع تناقض بينهما، قد صدرا عن هيئتى تحكيم تابعتين لجهة واحدة، وعدم قبول الدعوى، وبالتالى فإنه لا يكون هناك مسوغ لإعمال سلطتها في التصدى.
    وحيث إنه لا ينال من صحة ما تقدم، ما توسلت به الشركة المدعية لتحقيق غايتها، بقالة إن هيئات التحكيم الخاضعة لأحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، لا يوجد بينها رابط يمنطق اعتبارها جهة قضاء واحدة، ويتعين النظر إلى كل هيئة منها كجهة مستقلة بذاتها، وأن تلك الهيئات لا يستوى على قمتها هيئة عليا تزيل ما يثور من تناقض بين أحكامها، وليس ثمة ما يمنع المحكمة الدستورية العليا قانونًا من التصدى لإزالة التناقض الحاصل بين الأحكام النهائية الصادرة عن هيئات التحكيم، لا على أساس الاختصاص الولائى، وإنما على أساس احترام حجية الأمر المقضى التى تعلو على اعتبارات النظام العام، فإن هذا النعى مردود، بأنه باستقراء أحكام قانون التحكيم المشار إليه، يتبين أن المشرع قد أحاط التحكيم، بما يشكله من استثناء على ولاية القضاء العام في الدولة، بمجموعة من القواعد والقيود، بحيث تتوقف سلامة الأحكام التى تصدرها هيئات التحكيم على مراعاتها، كما تدخل المشرع للحد من الآثار السلبية التى قد ترتبها هذه الأحكام، إذ ناطت المادة (9) من قانون التحكيم الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التى يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصرى، للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجاريًا دوليًا، سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر، وأن تظل المحكمة التى ينعقد لها الاختصاص، دون غيرها، صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم. وتضمن الباب السابع من القانون المشار إليه، المعنون "حجية أحكام المحكمين وتنفيذها" - في المواد من (55) إلى (58) - بيانًا للأحكام الأساسية للأمر بالتنفيذ، سواء إجراءات استصداره، والاختصاص بإصداره، وقواعد نظره، وتلك التى تحكم قبول طلبات الأمر بالتنفيذ، وسلطة القاضى عند إصدار الأوامر، والتظلم من الأوامر الصادرة في طلبات التنفيذ. وعهدت المادة (56) من ذلك القانون إلى رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (9)، أو من ينيبه من قضاتها، الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين. واستلزم المشرع لمباشرة الرقابة القضائية - الشكلية والإجرائية - على حكم التحكيم، تقديم مستندات معينة.
    وحددت المادة (58) - في البند (2) منها - الشروط الواجب التحقق من توافرها، قبل الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، هى: أن يكون حكم التحكيم لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع، ولا يتضمن ما يخالف النظام العام في مصر، وأنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانًا صحيحًا. الأمر الذى يفصح بجلاء ويقطع بأن أحكام قانون التحكيم قد عهدت إلى رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون، أو من ينيبه من قضاتها، الاختصاص بإصدار أوامر تنفيذ أحكام المحكمين، باعتباره القاضى المختص، ويُعد، من باب أولى، صاحب الاختصاص بالنظر في تناقض تلك الأحكام والمفاضلة بينها، على ضوء حجية الأمر المقضى، ودون أن يعتبر ذلك إنكارًا للعدالة أو لحق كل مواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعى على ما تقضى به المادة (97) من الدستور، أو إهدارًا لقواعد توزيع الاختصاص بين جهات القضاء. ولا يغير من ذلك، التحدى بأن نصوص قانون التحكيم خلت من نص يحدد جهة الاختصاص بفض التناقض بين أحكام هيئات التحكيم، إذ إن ذلك لا يُعد عملاً قضائيًا، وإنما هو عمل تشريعى أصيل، يتولاه المشرع طبقًا لنص المادة (101) من الدستور، ومن ثم لا يستنهض ولاية هذه المحكمة. وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم التحكيم رقم 440 لسنة 2005، الصادر بجلسة 28/ 12/ 2006، فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل فيه، وانتهت المحكمة فيما تقــــدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاصه المقرر بنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة في شأن هذا الطلب، يكون قد بات غير ذى موضوع.
    فلهذه الأسـباب
    حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

    للإتصال بنا
    Scroll to Top