المحكمة الدستورية : عدم دستورية بعض نصوص قانون الأسلحة و الذخائر فيما تضمنته من حظر إستخدام المحكمة لنص المادة 17 من قانون العقوبات فى بعض الجرائم المنصوص عليها فيه وذلك للفتئات على سلطة المحكمة فى تفريد العقوبة وفقا لظروف كل دعوى وملابساتها الخاصة مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS المحكمة الدستورية : عدم دستورية بعض نصوص قانون الأسلحة و الذخائر فيما تضمنته من حظر إستخدام المحكمة لنص المادة 17 من قانون العقوبات فى بعض الجرائم المنصوص عليها فيه وذلك للفتئات على سلطة المحكمة فى تفريد العقوبة وفقا لظروف كل دعوى وملابساتها الخاصة - مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS \

ادنيس

  • أخر منشوراتنا

    بحث فى قاعدة بيانات المدونات

    الخميس، ديسمبر 04، 2014

    المحكمة الدستورية : عدم دستورية بعض نصوص قانون الأسلحة و الذخائر فيما تضمنته من حظر إستخدام المحكمة لنص المادة 17 من قانون العقوبات فى بعض الجرائم المنصوص عليها فيه وذلك للفتئات على سلطة المحكمة فى تفريد العقوبة وفقا لظروف كل دعوى وملابساتها الخاصة


    باسم الشعب
    المحكمةالدستورية العليا
    بالجلسةالعلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2014م، الموافق الخامس عشر منالمحرم سنة 1436 هـ.
    برئاسةالسيدالمستشار / عدلى محمود منصور                        رئيس المحكمة
    وعضويةالسادة المستشارين / أنــــور رشـــاد العاصى وعبد الوهــاب عبد الرازق ومحمـــد عبدالعزيز الشناوى ومحمـــد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمـــر شريف وبولس فهمى إسكندر                                                     نواب رئيس المحكمة
    وحضور السيدالمستشار / محمود محمد غنيم                 رئيس هيئةالمفوضين
    وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                                أمين السر
    أصدرت الحكم الآتى
    فى القضية المقيدة بجدول المحكمــــــة الدستورية العليا برقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية " . بعد أن أحالت محكمة جنايات دمنهور بحكمها الصادر بجلسة 11/11/2013فى الجناية المقيدة برقم 18006 لسنة 2012 إيتاى البارود والمقيدة برقم 339 لسنة 2012،كلى جنوب دمنهور .
    المقامة من
    النيابــةالعامـــة
    ضـــــــد
    1-     السيد / صبري عوض أبو شادي
    2-     السيد / عوض صبري عوض أبو شادي
    " الإجراءات"
              بتاريخ 24 ديسمبر 2013، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الجناية رقم 18006 لسنة 2012 إيتاى البارود، والمقيدة برقم 339لسنة 2012 كلى جنوب دمنهور، بعد أن قضت محكمة جنايات دمنهور " الدائرةالرابعة الجزئية " بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954فى شأن الأسلحة والذخائر بعد استبدالها بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6لسنة 2012 .
              وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًّا، بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا : برفضها .
              وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
              ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضرالجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
    " المحكمة "
              بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
              حيث إن الوقائع - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن النيابة العامة، كانت قد اتهمت 1 - صبرى عوض أبو شادى 2 - عوض صبرى عوض أبو شادى فى الجناية رقم 18006 لسنة 2012 إيتاى البارودبأنهما فى يوم 10/5/2012، بدائرة مركز إيتاى البارود، محافظة البحيرة : أ - حازاسلاحًا ناريًّا مششخنًا ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه . ب- حازا ذخائر مما تستعمل فى السلاح النارى محل الاتهام الأول وهو ما لا يجوزالترخيص بحيازته أو إحرازه . ج - قاما بأنفسهما باستعراض القوة والتلويح بالعنف والتهديد واستخدامه ضد المجنى عليه / محمود عبد الحميد عبد الفتاح وذلك بقصد ترويعه والتأثير فى إرادته لفرض السطوة عليه، وكان من شأن ذلك الفعل والتهديد إلقاء الرعب فى نفسه، كما أسندت النيابة العامة إلى المتهم الأول أيضًا أنه : ضرب المجنى عليه / محمود عبد الحميد عبد الفتاح عمدًا فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبى المرفق بالأوراق والتى أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على العشرين يومًا وكان ذلك باستخدام أداة ( دبشك السلاح النارى محل الاتهام الأول ). وطلبت معاقبة المتهمين بالمواد (241/1-2، 375 مكرر) من قانون العقوبات المعدل بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011، والمواد (1/1، 6، 26 الفقرتـــــــــين 3 ، 5) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند (ب) من القسم الثانى من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول . وتدوولت القضية أمام محكمة جنايات دمنهور إلى أن أصدرت فيها قرارإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، تأسيسًا على ما تبين لها من أن الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائرالمستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 قد حظرت النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة فى المادة المذكورة، استثناء من أحكام المادة (17) من قانونالعقوبات وأن إلغاء سلطة القاضى فى النزول بالعقوبة هو فى حقيقته إلغاء لسلطته فى تفريدها التى تعتبر أحد خصائص الوظيفة القضائية، مما ينطوى عليه من إهدار لحقوق أصيلة كفلها الدستور، وافتئات من السلطة التشريعية على السلطة القضائية وتدخلاً فى شئون العدالة .

     
              وحيث إن المادة (26) من القانون رقم 394لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر مستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 تنصعلى أن :
    الفقرةالأولى : " يعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرزبالذات أو بالواسطة بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالجدول رقم (2) المرافق" .
    الفقرةالثانية : " ويعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تجاوز خمسة عشر ألف جنيه كل منيحوز أو يحرز بالذات أو بالواسطة بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليهابالقسم الأول من الجدول رقم (3) المرافق " .
    الفقرةالثالثة : " وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذاكان الجانى حائزًا أو محرزًا بالذات أو بالواسطة سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليهابالقسم الثانى من الجدول رقم (3) .
    الفقرةالرابعة : " ويعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أويحرز بالذات أو بالواسطة ذخائر مما تستعمل فى الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقم(2 و3) " .
    الفقرةالخامسة : " وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذاكان الجانى من الأشخاص المذكورين بالبنود من (ب) إلى (و) من المادة (7) من هذاالقانون .
    الفقرةالسادسة : " ومع عدم الإخلال بأحكام الباب الثانى مكررًا من قانون العقوبات تكون العقوبة السجن المشدد أو المؤبد ......... " .
    الفقرةالسابعة ( المحالة من محكمة الموضوع والتى ارتأت أن بها شبهة عدم الدستورية ) :" واستثناءً من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات لا يجوز النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة فى هذه المادة " .
              وحيث إن المصلحــــــــة الشخصيةالمباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينهاوبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألةالدستورية، لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمةالموضوع، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى نص الفقرة الأخيرة من المادة (26)من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمرسوم بقانونرقم 6 لسنة 2012 فى مجال إعمالها فى شأن جريمة حيازة سلاح من الأسلحة المنصوصعليها بالقسم الثانى من الجدول رقم (3) وجريمة حيازة ذخائر مما تستعمل فى الأسلحةالمنصوص عليها بالجدولين رقمى (2) ، (3) المعاقب عليهما بالفقرتين رقمى (3)، (4) من المادة ذاتها .
              وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة على أساس أن صحيفتها لم تتضمن البيانات الجوهرية التى تطلبتهاالمادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا لإغفالها تحديد النص الدستورىالمدعى بمخالفته .
              وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه من المقررفى قضاء هذه المحكمة أن ما توخاه المشرع بنص المادة (30) من قانون المحكمةالدستورية العليا يعتبر متحققًا كلما تضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى ما يعين على تحديد المسألة الدستورية سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر، إذ ليس لازمًا للوفاء بالأغراض التى استهدفتها المادة (30) من قانون هذه المحكمة أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى تحديدًا مباشرًا وصريحًا للنص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة، بل يكفى أن تكون المسألةالدستورية التى يراد الفصل فيها قابلة للتعيين، بأن تكون الوقائع التى تضمنها قرارالإحالة أو صحيفة الدعوى - فى ترابطها المنطقى - مفضية إليها جلية فى دلالةالإفصاح عنها. متى كان ذلك وكان قرار إحالة الدعوى الماثلة واضحًا فى دلالته على أن نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحةوالذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، يخالف أحكام الدستور بسلبه سلطة القاضى فى تفريد العقوبة التى تعتبر أحد خصائص الوظيفةالقضائية، كما أنه يتضمن افتئاتًا من السلطة التشريعية على السلطة القضائية وتدخلاً فى شئون العدالة، وكان من شأن هذا البيان تحديد المخالفة الدستوريةالمنسوبة للنص المحال فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يكون على غير أساس متعين الرفض .
              وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين،من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستورالقائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - وعلى ما جرى عليه قضاءهذه المحكمة- صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه وأن نصوص هذاالدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار مايخالفها من تشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة . ومن ثم فإن هذه المحكمةتباشر رقابتها على النص المطعون عليه - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم بيانه - من خلال أحكام الوثيقة الدستورية القائمة والصادرة فى 18 يناير سنة 2014 .
              وحيث إن الدستور كفل فى مادته السادسةوالتسعين، الحق فى المحاكمة المنصفة بما تنص عليه من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة، تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه . وهو حق نص عليه الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى مادتيه العاشرة والحادية عشرة التى تقررأولاهما : أن لكل شخص حقًّا مكتملاً ومتكافئًا مع غيره فى محاكمة علنية، ومنصفة،تقوم عليها محكمة مستقلة ومحايدة، تتولى الفصل فى حقوقه والتزاماته المدنية، أو فى التهمة الجنائية الموجهة إليه . وتُرَدِدْ ثانيتهما : فى فقرتها الأولى حق كل شخص وجهت إليه تهمة جنائية، فى أن تفترض براءته إلى أن تثبت إدانته فى محاكمة علنيةتوفر له فيها الضمانات الضرورية لدفاعه وهذه الفقرة تؤكد قاعدة استقر العمل على  تطبيقها فى الدول الديمقراطية، وتقع فى إطارها مجموعة من الضمانات الأساسية تكفل بتكاملها مفهومًا للعدالة يتفق بوجه عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها فى الدول المتحضرة وهى بذلك تتصل بتشكيل المحكمة، وقواعد تنظيمها، وطبيعة القواعدالإجرائية المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها من الناحية العملية، كما أنها تعتبرفى نطاق الاتهام الجنائى، وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور، ولايجوز بالتالى تفسير هذه القاعدة تفسيرًا ضيقًا، إذ هى ضمان مبدئى لرد العدوان عنحقوق المواطن وحرياته الأساسية، وهى التى تكفل تمتعه بها فى إطار من الفرص المتكافئة، ولأن نطاقها - وإن كان لا يقتصر على الاتهام الجنائى - إنما يمتد إلى كل دعوى ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية، إلا أن المحاكمة المنصفةتعتبر أكثر لزومًا فى الدعوى الجنائية وذلك أيًا كانت طبيعة الجريمة، وبغض النظرعن درجة خطورتها .
              وحيث إنه على ضوء ما تقدم، تتمثل ضوابط المحاكمة المنصفة فى مجموعة من القواعد المبدئية التى تعكس مضامينها نطاقًا متكاملالملامح، يتوخى بالأسس التى يقوم عليها، صون كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها، وذلك انطلاقًا من إيمان الأمم المتحضرة بحرمة الحياة الخاصة، وبوطأة القيود التى تنال من الحريةالشخصية، ولضمان أن تتقيد الدولة عند مباشرتها لسلطاتها فى مجال فرض العقوبة صونًا للنظام الاجتماعى، بالأغراض النهائية للقوانين العقابية، التى ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفًا مقصودًا لذاته، أو أن تكون القواعد التى تتم محاكمته على ضوئها، مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة بل يتعين أن تلتزم هذه القواعد مجموعة من القيم التى تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية،التى لا يجوز النزول عنها أو الانتقاص منها .
              وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل فيها إلا بقدر، نأيًا بها عنأن تكون إيلامًا غير مبرر، يؤكد قسوتها فى غير ضرورة، ذلك أن القانون الجنائى، وإن اتفق مع غيره من القوانين فى تنظيم بعض العلائق التى يرتبط بها الأفراد فيما بين بعضهم البعض، أو من خلال مجتمعهم بقصد ضبطها، إلا أن القانون الجنائى يفارقها فى اتخاذ العقوبة أداة لتقويم ما يصدر عنهم من أفعال نهاهم عن ارتكابها . وهو بذلك يتغيا أن يحدد - ومن منظور اجتماعى - ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، وأن يسيطر عليها بوسائل يكون قبولها اجتماعيًّا ممكنًا، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مبررًا إلا إذا كان مفيدًا من وجهة اجتماعية، فإن كان مجاوزًا تلك الحدود التى لا يكون معها ضروريًّا، غدا مخالفًا للدستور .
              وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد جرى على أن المتهمين لا تجوز معاملتهم بوصفهم نمطًا ثابتًا، أو النظر إليهم باعتبار أن صورة واحدة تجمعهم لتصبهم فى قالبها، بما مؤداه أن الأصل فى العقوبة هو تفريدها لاتعميمها، وتقرير استثناء تشريعى من هذا الأصل - أيًا كانت الأغراض التى يتوخاها - مؤداه أن المذنبين جميعهم تتوافق ظروفهم، وأن عقوبتهم يجب أن تكون واحدة لا تغاير فيها،وهو ما يعنى اتباع جزاء فى غير ضرورة بما يفقد العقوبة تناسبها مع وزن الجريمةوملابساتها والظروف الشخصية لمرتكبها، وبما يقيد الحرية الشخصية دون مقتض . ذلك أن مشروعية العقوبة - من زاوية دستورية - مناطها أن يباشر كل قاض سلطته فى مجال التدرج بها وتجزئتها، تقديرًا لها، فى الحدود المقررة قانونًا، فذلك وحده الطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبرًا لآثار الجريمة من منظور عادل يتعلق بها وبمرتكبها .
              وحيث إنه من المقرر أن شخصية العقوبةوتناسبها مع الجريمة محلها مرتبطان بمن يكون قانونًا مسئولاً عن ارتكابها على ضوءدوره فيها، ونواياه التى قارنتها، وما نجم عنها من ضرر، ليكون الجزاء عنها موافقًا لخياراته بشأنها . متى كان ذلك، وكان تقدير هذه العناصر جميعها، داخلاً فى إطار الخصائص الجوهرية للوظيفة القضائية؛ فإن حرمان من يباشرون تلك الوظيفة من سلطتهم فى مجال تفريد العقوبة بما يوائم بين الصيغة التى أفرغت فيها ومتطلبات تطبيقها فى كل حالةبذاتها؛ مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها، فلا تنبض بالحياة، ولا يكون إنفاذها إلا عملاً مجردًا يعزلها عن بيئتها دالاًّ على قسوتهاأو مجاوزتها حد الاعتدال، جامدًا، فجًّا، منافيًا لقيم الحق والعدل .
              وحيث إن الدستور الصادر عام 2014 إذ نص فى المادة (94) منه على خضوع الدولة للقانون وأن استقلال القضاء، وحصانته، وحيدته،ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، كما أكد على هذه المبادئ فى المادتين (184)و(186) من الدستور ذاته، فقد دلَّ على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافةمظاهر نشاطها- وأيًا كانت طبيعة سلطاتها - بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتهاضابطًا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعدامتيازًا شخصيًّا لأحد ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها، ولأن الدولةالقانونية هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية، وهى ضمانة يدعمها القضاءمن خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورًا لكل تنظيم، وحدًّا لكلسلطة، ورادعًا ضد كل عدوان .
              وحيث إنه من المقرر قانونًا أن العقوبةالتخييرية، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازى بعقوبة أصلية أشد - عند توافرعذر قانونى جوازى مخفف للعقوبة - أو إجازة استعمال الرأفة فى مواد الجنايات بالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل عملاًبنص المادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقاف تنفيذ عقوبتى الغرامة أو الحبس الذى لا تزيد مدته على سنة إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التى لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هــــــى أدوات تشريعيةيتســــــــاند القاضى إليها- بحسب ظروف كل دعوى - لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة، ومن ثم ففى الأحوال التى يمتنعفيها إعمال أحدى هذه الأدوات، فإن الاختصاص الحصرى بتفريد العقوبة المعقود للقاض ىيكون قد أُستغلق عليه تمامًا، بما يفتئت على استقلاله، ويسلبه حريته فى تقديرالعقوبة، ويفقده جوهر وظيفته القضائية، وينطوى على تدخل محظور فى شئون العدالةوالقضايا .
              وحيث إن العقوبة المقررة لجريمة حيازةسلاح نارى من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الثانى من الجدول رقم (3) المسندةللمتهمين فى الدعوى الموضوعية هى السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه،كما أن العقوبة المقررة لجريمة حيازة ذخائر مما تستعمل فى الأسلحة المنصوص عليهابالجدولين رقمى (2)، (3)، المسندة للمتهمين أيضًا، هى السجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين تعدان من العقوبات غير التخييرية، والتى لم يُنص على أعذار قانونية جوازية مخففة لهما، ويمتنع بالنص المطعون فيه النزول عن هاتين العقوبتين فيما لو اتضح لقاضى الموضوع قسوتهما، على ضوء أحوال الجريمة التى تقتضى رأفته، بما يحول بينه وبين إعمال سلطته فى تفريد العقوبة .
              وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه يكون قد أهدر من خلال إلغاء سلطة القاضى فى تفريد العقوبة، جوهرالوظيفة القضائية، وجاء منطويًا كذلك على تدخل فى شئونها، مقيدًا الحرية الشخصيةفى غير ضرورة، ونائيًا عن ضوابط المحاكمة المنصفة، ومخلاً بخضوع الدولة للقانون،وواقعًا بالتالى فى حمأة مخالفة أحكام المواد (94)، (96)، (99)، (184)، (186) منالدستور .
    فلهــــذه الأسبــــاب
              حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرةالأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر،المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها ،وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .


    Posted via Blogaway
    • تعليقات جوجل
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات :

    إرسال تعليق

    يسعدنا مشاركتك بالتعليق على المشاركه وننصحك بقرائتها جيدا قبل التعليق

    Item Reviewed: المحكمة الدستورية : عدم دستورية بعض نصوص قانون الأسلحة و الذخائر فيما تضمنته من حظر إستخدام المحكمة لنص المادة 17 من قانون العقوبات فى بعض الجرائم المنصوص عليها فيه وذلك للفتئات على سلطة المحكمة فى تفريد العقوبة وفقا لظروف كل دعوى وملابساتها الخاصة Rating: 5 Reviewed By: Farhat blogs
    Scroll to Top