حكم قديم لـ«الدستورية» يجهض مشروع «خفض سن تقاعد القضاة» مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS حكم قديم لـ«الدستورية» يجهض مشروع «خفض سن تقاعد القضاة» - مدونات فرحـــــــات FARHAT BLOGS \

ادنيس

  • أخر منشوراتنا

    بحث فى قاعدة بيانات المدونات

    الأحد، أبريل 21، 2013

    حكم قديم لـ«الدستورية» يجهض مشروع «خفض سن تقاعد القضاة»

    -->


    الشروق» عثرت فى ملفات القضاء، على السابقة الوحيدة التى تعرضت فيها المحكمة الدستورية العليا لمثل هذه المشكلة، تتمثل فى حكم أصدرته المحكمة يوم 7 يوليو 2002 بعدم دستورية نص فى قانون الجامعات ينهى خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين فور صدور القانون رقم 82 لسنة 2000 الذى نص على انتهاء خدمة الأساتذة المتفرغين ببلوغهم سن السبعين.



    وتفاصيل القضية كما ترويها سطور الحكم أن د.مصطفى أبوزيد فهمى، وزير العدل والمدعى العام الاشتراكى الأسبق، والأستاذ المتفرغ بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية آنذاك، أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإدارى طاعناً على قرار المجلس الأعلى للجامعات بحرمان الأساتذة المتفرغين من تقلد الوظائف الإدارية.



    وأثناء تداول الدعوى، صدر القانون رقم 82 لسنة 2000 بشأن تنظيم الجامعات، فدفع أبوزيد بعدم دستورية هذا القانون بجميع مواده، فصرحت له محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار مجدى العجاتى بالطعن على النص أمام المحكمة الدستورية العليا.



    والشق المشابه لمسألة خفض سن تقاعد القضاة يتمثل فى المادتين الأولى والرابعة من ذلك القانون، حيث نصت المادة الأولى على «تعيين جميع الأساتذة الذين يبلغون سن انتهاء الخدمة، كأساتذة متفرغين، حتى بلوغهم سن السبعين، ولا تحسب هذه المدة فى المعاش» أى أن سن السبعين باتت هى سن التقاعد الحقيقى للأساتذة المتفرغين، بعدما كانت السن غير محددة.



    أما المادة الرابعة فتنص على «سريان أحكام القانون على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل تاريخ العمل به فى أول يوليو 2000» ومفاد هذا النص بحسب المحكمة «إنهاء خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين عند العمل بهذا القانون».



    تصدت المحكمة الدستورية العليا لهذا النص، فأكدت أنه باطل وغير دستورى، ولا يجوز تطبيق السن الجديد بأثر رجعى على كل من بلغ وتخطى سن السبعين قبل سن القانون، بل يكون المخاطبون بتنفيذ النص هم الأساتذة الذين لم يبلغوا سن السبعين بعد.



    وقالت المحكمة فى حيثياتها إن كل من تخطى سن السبعين من الأساتذة المتفرغين «قد استقام مركزه القانونى واستقر كأستاذ متفرغ» وأن النص «خالف قاعدة إعمال الأثر الرجعى المقررة قانوناً، وامتد إلى إلغاء حقوق تم اكتسابها فعلاً، وصارت لصيقة بأصحابها، وفقاً لأحكام قانونية كفلت حمايتها والاحتجاج بها فى مواجهة الكافة، كأثر لنفاذ هذه الأحكام».



    وأضافت المحكمة أن إعمال قاعدة السن الجديد على من بلغوه وتخطوه بالفعل، يهدر قوة القوانين السابقة ومكانتها من الاحترام الذى يجب كفالته لها طوال الفترة التى كانت نافذة فيها، ويتصادم مع أحكام المادتين 64 و65 من دستور 1971 اللتين تنصان على أن «سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة» وأن «تخضع الدولة للقانون» (المادتان 6 و74 من الدستور الجديد).



    وصدر هذا الحكم برئاسة المستشار فتحى نجيب وعضوية المستشارين ماهر البحيرى (رئيس المحكمة الحالى)، محمد على سيف الدين، عدلى منصور، محمد عبدالقادر عبدالله، على عوض صالح، وعبدالوهاب عبدالرازق.



    وبمقارنة تفاصيل هذه القضية بالمشروع المقترح لخفض سن القضاة، يتبين أن مشروع القانون المقدم من حزب الوسط ينهى خدمة القضاة الذين تخطوا سن 60 عاماً فور بدء العمل بالقانون، تماماً مثل النص السابق ذكره من قانون الجامعات، والذى أبطلته المحكمة الدستورية.



    وبتطبيق نص حيثيات المحكمة الدستورية على المشروع، فإنه لا يجوز ــ إذا صدر القانون اليوم ــ أن يتم تطبيقه على من تجاوزوا سن الستين فعلاً، لأنهم اكتسبوا مراكز قانونية مستقرة فى ظل العمل بقوانين سابقة، ويكون بالتالى المخاطبين بتنفيذ هذا القانون القضاة الذين لم يبلغوا سن الستين بعد، بينما يظل من جاوزوا الستين مخاطبين بأحكام القاعدة القانونية السابقة وهى التقاعد عند سن السبعين.



    وهذا الازدواج فى تطبيق سن التقاعد، سيؤدى ــ بحسب مصادر قضائية رفيعة المستوى ــ إلى ارتباك هائل فى مرفق العدالة والمحاكم.



    ورداً على ما قد يثار من أن صدور القانون من السلطة التشريعية ممثلة فى مجلس الشورى الحالى أو مجلس النواب المقبل، يكسبه حصانة من الخضوع للرقابة التى تباشرها المحكمة الدستورية على دستورية القوانين، ردت حيثيات الحكم ذاته قائلة «لقد تبين أن القانون الطعين أخذ الرأى النهائى عليه نداءً بالاسم فى مجلس الشعب، وحصل على الأغلبية الخاصة المنصوص عليها فى الدستور لإعمال أحكامه بأثر رجعى، إلاّ أن استيفاء هذه الشكلية لا يترتب عليه عصمة القانون من الخضوع للرقابة».

    وننشر الحكم
                                         باسم الشعب

                                  المحكمة الدستورية العليا


    بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 يوليو سنة 2002 الموافق 26 ربيع الآخر سنة 1423 ه

    برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة

    وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق .

    وحضور السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس هيئة المفوضين

    وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر

    أصدرت الحكم الآتى

    فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 131 لسنة 22 قضائية " دستورية ".

    المقامة من

    د . مصطفى أبو زيد فهمى

    ضد

    (1) السيد / رئيس الجمهورية .

    (2) السيد / رئيس مجلس الوزراء .

    (3) السيد / رئيس مجلس الشعب .

    (4) السيد / وزير التعليم العالى .

    " الإجراءات "

    بتاريخ السابع والعشرين من يوليه سنة 2000، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 فى جميع مواده.

    وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطياً: برفضها.

    وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

    ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

                                         " المحكمة "

    حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 7806 لسنة 54 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعى عليه الأخير ابتغاء القضاء بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 379 الصادر بجلسته المعقودة فى 20/4/2000، وقال شرحاً لها إنه يعمل أستاذاً متفرغاً بقسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية؛ وأن المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات بعد تعديلها بالقانون رقم 142 لسنة 1994، والمادة (56) من لائحته التنفيذية خولتا الأستاذ المتفرغ وضعاً يماثل وضع الأستاذ العامل تماماً فيما عدا تقلد الوظائف الإدارية، وجاء قرار المجلس الأعلى للجامعات سالف الذكر ليهدر إهداراً كاملاً مبدأ المساواة بينهما، إذ يحرم الأساتذة المتفرغين من التدريس بالمرحلة الجامعية الأولى، ومضى ناعياً على ذلك القرار أنه مشوب بعيب عدم الاختصاص لاغتصابه سلطة مجلسى القسم والكلية؛ فضلاً عن عيب مخالفة القانون؛ وأثناء نظر الدعوى صدر القانون رقم 82 لسنة 2000 المعدل لقانون تنظيم الجامعات، فدفع المدعى بعدم دستورية هذا القانون بجميع مواده، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.

    وحيث إن هيئة قضايا الدولة، دفعت بعدم قبول الدعوى، تأسيساً على أن الضرر المدعى به مرده إلى القرار رقم 379 الصادر من المجلس الأعلى للجامعات فى جلسته المعقودة بتاريخ 20/4/2000، وليس إلى القانون المطعون بعدم دستوريته الذى كان صدوره لاحقاً لذلك القرار؛ ومن ثم يتخلف شرط المصلحة فى الدعوى.

    وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن المدعى قد أقام دعواه الموضوعية بصفته أستاذاً متفرغاً بجامعة الإسكندرية، طعناً على قرار المجلس الأعلى للجامعات المؤرخ 20/4/2000 الذى أسند إلى الأساتذة المتفرغين بصفة أساسية مهمة القيام بأعباء مرحلة الدراسات العليا إلى جانب المساهمة فى أعباء التدريس فى المرحلة الجامعية الأولى فى حدود الساعات الزائدة عن مجموع أنصبة أعضاء هيئة التدريس العاملين، وأثناء نظر هذه الدعوى صدر القانون الطعين رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات والذى يترتب على إعمال أحكامه من ناحية زوال الصفة التى أقام بها المدعى دعواه الموضوعية ومن ناحية أخرى تخويل المجلس الأعلى للجامعات الاختصاص بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة متفرغين وغير متفرغين، بما مؤداه: أن الفصل فى المسألة الدستورية المطروحة، وهى فى هذا النطاق اختصاص المجلس الأعلى للجامعات بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين وإنهاء خدمة الأستاذ المتفرغ ببلوغه سن السبعين وإعمال أثر هذا الحكم الجديد فى شأن الأساتذة المتفرغين الذين كانوا قد بلغوا هذه السن وقت العمل بالقانون الطعين، كل هذا من شأنه أن يؤثر على الصفة التى أقام بها المدعى دعواه الموضوعية وعلى مدى مشروعية القرار محل تلك الدعوى، إذ كان ذلك، وكان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة فى الدعوى الدستورية يتوافر إذا كان الحكم الذى يصدر فيها مؤثراً على الحكم فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية، فإن المدعى بذلك يكون قد توافرت له مصلحة فى إقامة دعواه الدستورية، ويكون الدفع بعدم قبولها، خليقاً بالرفض.

    وحيث إنه إذ كانت المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات- قبل تعديلها بالقانون رقم 82 لسنة 2000- تنص على أنه:

    " مع مراعاة حكم المادة (113) من هذا القانون يعين بصفة شخصية فى ذات الكلية أو المعهد جميع من يبلغون سن انتهاء الخدمة ويصبحون أساتذة متفرغين وذلك ما لم يطلبوا عدم الاستمرار فى العمل، ولا تحسب هذه المدة فى المعاش، ويتقاضون مكافأة مالية إجمالية توازى الفرق بين المرتب مضافاً إليه الرواتب والبدلات الأخرى المقررة وبين المعاش مع الجمع بين المكافأة والمعاش". بما مؤداه: أن الأستاذ الجامعى إذ يبلغ سن انتهاء الخدمة، فإنه كان يصبح بقوة القانون أستاذاً متفرغاً مدى الحياة، ما لم يطلب هو عدم الاستمرار فى العمل، وبالمخالفة لذلك، جاءت أحكام القانون رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، ليتناول التعديل حكم المادة (121) المشار إليه، وبموجب المادة الرابعة من هذا القانون يرتد هذا الحكم بأثره إلى الأساتذة المتفرغين الذين عينوا قبل تاريخ العمل به، وعلى صعيد آخر يرد تعديل بالإضافة إلى بنود المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات ومادة جديدة برقم (195 مكرراً)، لتجرى نصوص القانون رقم 82 لسنة 2000 على النحو الآتى:

    المادة الأولى:"يستبدل بنص المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، النص الآتى:

    مادة (121): " مع مراعاة حكم المادة (113) من هذا القانون يعين بصفة شخصية فى ذات الكلية أو المعهد جميع من يبلغون سن انتهاء الخدمة ويصبحون أساتذة متفرغين حتى بلوغهم سن السبعين وذلك ما لم يطلبوا عدم الاستمرار فى العمل، ولا تحسب هذه المدة فى المعاش، ويتقاضون مكافأة مالية إجمالية توازى الفرق بين المرتب مضافاً إليه الرواتب والبدلات الأخرى المقررة وبين المعاش مع الجمع بين المكافأة والمعاش ".

    المادة الثانية: يضاف إلى قانون تنظيم الجامعات المشار إليه مادة جديدة برقم (195 مكرراً)، نصها الآتى:

    مادة (195 مكرراً): " ينشأ بالمجلس الأعلى للجامعات صندوق لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء هيئة التدريس السابقين الذين بلغوا سن السبعين وأسرهم. وتكون للصندوق الشخصية الاعتبارية.

    تتكون موارد الصندوق من:

    ( أ ) المبالغ التى تخصصها الدولة للصندوق لتحقق أغراضه.

    ( ب ) المبالغ التى تساهم بها الجامعات من مواردها الذاتية لأداء الخدمات اللازمة لتحقيق أغراض الصندوق وذلك وفقاً لما يقرره المجلس الأعلى للجامعات.

    ( ج ) التبرعات التى يقبلها مجلس إدارة الصندوق.

    ( د ) حصيلة استثمار أموال الصندوق وناتج نشاطه.

    يكون للصندوق موازنة خاصة ويرحل الفائض بموازنة الصندوق من سنة إلى أخرى.

    ويعفى نشاط الصندوق وكافة الخدمات التى يقدمها من جميع أنواع الضرائب والرسوم.

    ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير التعليم العالى بعد موافقة المجلس الأعلى للجامعات ".

    المادة الثالثة:"يضاف إلى المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات بند جديد برقم (13) مكرراً (1)، نصه الآتى:

    بند (13) مكرراً "(1) وضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة والأساتذة غير المتفرغين على نحو يحقق الاستفادة الكاملة من خبرتهم جميعاً، وبالصورة التى تحقق التطوير المستمر للتعليم فى المرحلة الجامعية الأولى وفى مرحلة الدراسات العليا والماجستير والدكتوراه ".

    المادة الرابعة:" ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتباراً من أول يوليو سنة 2000، وتسرى أحكامه على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل تاريخ العمل به ".

    وحيث إن نطاق الدعوى - بقدر ارتباطها بالنزاع الموضوعى - يتحدد بثلاثة أحكام مما نص عليه القانون المطعون فيه، أولها: ذلك الذى جعل سن السبعين حداً ينتهى ببلوغه عمل الأستاذ المتفرغ، وثانيها: الحكم الخاص بتخويل المجلس الأعلى للجامعات الاختصاص بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين، وآخرها: الحكم الخاص بسريان القانون الطعين على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل العمل به، فيما انطوى عليه من إنهاء عمل الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين عند العمل بالقانون، وهذه الأحكام الثلاثة هى التى تضمنتها بالتتابع نصوص المواد الأولى والثالثة والرابعة من القانون المطعون عليه.

    وحيث إن المدعى ينعى على النصوص الطعينة -محددة نطاقاً على النحو المتقدم - أنها جاءت مشوبة بعيب الانحراف فى استعمال السلطة التشريعية بالمخالفة لنصوص المواد (64، 65، 68) من الدستور، واعتداءها على استقلال الجامعات بالمخالفة لنص المادة (18) من الدستور، وكذلك مناقضتها لمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص وللحق فى العمل المنصوص عليها فى المواد (8، 13،40) من الدستور، ثم مخالفتها لنص المادة (187) من الدستور بحكم انطوائها على أثر رجعى.

    وحيث إنه عن النعى بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون الطعين فيما تضمنه من تعديل لأحكام المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، فإنه مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الموظف العام هو الذى يكون تعيينه بأداة قانونية لأداء عمل دائم فى خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بطريق مباشر، وأن علاقة الموظف العام بالمرفق الذى تديره الدولة هى علاقة تنظيمية يخضع فيها لأحكام القوانين واللوائح المنظمة لهذا المرفق ولأوضاع العاملين فيه، وفى ذلك فهو يستمد حقوقه من نظام الوظيفة العامة ويلتزم بالواجبات التى يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله فى كل وقت، ويخضع الموظف العام لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليه بأثر مباشر، ولا يجوز له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً فى أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذى عين فى ظل أحكامه أو الذى طبق عليه لفترة طالت أو قصرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى على مخالفة لنص دستورى، فهنا يكون الاحتجاج على التعديل بمخالفته للدستور، وليس بمساسه بالأوضاع التنظيمية للموظف العام، إذ كان ذلك؛ وكان المقرر أن أستاذ الجامعة - سواء أكان عاملاً أو متفرغاً - إنما تربطه بالجامعة علاقة وظيفية تنظيمية يخضع فيها لأحكام قانون تنظيم الجامعات، وكان التعديل الذى أدخله النص سالف الذكر على نص المادة (121)، إنما ينصرف خطابه إلى أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين الذين لم يبلغوا سن السبعين وقت العمل بالقانون الطعين، ليضع حداً تنتهى عنده علاقتهم الوظيفية بالجامعة - ما لم يجر تعيينهم أساتذة غير متفرغين وفقاً لأوضاع تخرج من نطاق هذه الدعوى- فإن النص الطعين لا يكون بذلك قد خرج عن حدود السلطة التقديرية المقررة للمشرع فى تنظيم أوضاع الجامعات المصرية وأوضاع أعضاء هيئات التدريس فيها بما رآه محققاً لأغراض الدولة فى تطوير الجامعات وتمكينها من النهوض بأعبائها العلمية، وقد التزم النص الطعين الأوضاع الدستورية المقررة فى كيفية وأداة إصداره، واستهدف تقرير قواعد عامة مجردة تناولت بالتنظيم الأوضاع الخاصة باثنتى عشر جامعة وأكثر من خمسة وخمسين ألفاً من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، ولم يتضمن من الأحكام ما يمس حق التقاضى، فإن النعى عليه من بعد بالإنحراف فى استعمال السلطة التشريعية بدعوى أنه صدر لمجابهة قضية واحدة منظورة أمام القضاء، وأنه خالف نصوص المواد (64، 65، 68) من الدستور يكون عارياً عن دليله، وإذ كان النص الطعين لا يخالف أى نص دستورى آخر، فإنه يتعين رفض الطعن عليه.

    وحيث إنه عن النعى بأن حكم البند (13) مكرراً (1) الذى أضافه القانون الطعين إلى المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات، إنما ينطوى على اعتداء على استقلال الجامعات، فإنه نعى مردود، ذلك أنه إذ يجرى هذا النص على أن يكون من اختصاص المجلس الأعلى للجامعات:

    (13 مكرراً/1) – "وضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين والأساتذة غير المتفرغين على نحو يحقق الاستفادة الكاملة من خبرتهم جميعاً، وبالصورة التى تحقق التطوير المستمر للتعليم فى المرحلة الجامعية الأولى وفى مرحلة الدراسات العليا والماجستير والدكتوراة ".

    وإذ يجرى نص المادة (18) من الدستور على أن:

    " التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامى فى المرحلة الإبتدائية، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى. وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج ".

    بما مؤداه: أن استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى هو استقلال لا ينفصم ولا ينفصل عن حاجات المجتمع والإنتاج، وإذ كانت غاية الاختصاص الذى عهد به النص إلى المجلس الأعلى للجامعات هو وضع ضوابط عامة تدور فى إطار الأعداد الكلية لأعضاء هيئات التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين، وفقاً لما تمليه الأوضاع الخاصة بالكليات الجامعية المختلفة، وفى نطاق المقاصد العليا للقانون التى تستهدف تطوير التعليم الجامعى وتمكين الجامعات من النهوض بأعبائها العلمية، وهو اختصاص لا ينطوى على تدخل فى اختصاص مجالس الأقسام بالكليات الجامعية باقتراح توزيع الدروس والمحاضرات والتدريبات العملية والندب المتبادل بين الأقسام، كما أنه لا يخل بسلطة مجالس الكليات بالنظر فى الاقتراحات المقدمة من مجالس الأقسام وإصدار ما تراه مناسباً من قرارات، إذ لا تعارض بين قواعد كلية يتم على أساسها توزيع العمل على نحو مجرد يسرى على المخاطبين بها جميعهم، وبين وضع هذه القواعد موضع التطبيق العملى على هؤلاء المخاطبين محددين بأشخاصهم، ومن ثم، فإن النعى على النص الطعين بمخالفة حكم المادة (18) من الدستور يكون فاقد الأساس خليقاً بالرفض.

    وحيث إنه عن النعى على النص ذاته بأنه سيؤول فى التطبيق إلى حرمان الأساتذة المتفرغين من التدريس فى المرحلة الجامعية الأولى لينفرد بها أعضاء هيئة التدريس العاملون، بما ينطوى على إهدار لمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص وللحق فى العمل المنصوص عليها فى المواد (8، 13،40) من الدستور، فإنه نعى مردود، ذلك أن الأستاذ المتفرغ إذ يبقى فى العمل بهذه الصفة بعد بلوغه سن انتهاء الخدمة، فإن العلاقة التى تربطه بالجامعة هى علاقة وظيفية تنظيمية شأنه فيها شأن عضو هيئة التدريس الذى لم يبلغ سن انتهاء الخدمة، وكلاهما سواء فى خضوعهما لأحكام قانون تنظيم الجامعات، باعتباره النظام القانونى الذى يستمدان منه حقوقهما ويلتزمان بالواجبات التى يقررها، فإذا استنهض هذا النظام قواعد عامة مجردة تستهدف توزيع أعباء العمل بين القائمين عليه بما يحقق - فى تقدير المشرع - أنسب الوسائل لتسيير الجامعات المصرية، فإنه لا يمكن النعى عليه بأنه يهدر حق الأساتذة المتفرغين فى العمل حين يعهد إليهم بعمل بعينه، كما أنه لا يمكن أن ينعى عليه الإخلال بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص فى مجال قوامه هو اختيار أفضل السبل لتسيير المرفق العام والارتقاء به، وليس إطاره المصالح الخاصة.

    وحيث إن نص البند (13 مكرراً/1) من المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات لا يخالف أى نص دستورى آخر، فإنه يتعين رفض الطعن عليه بعدم الدستورية.

    وحيث إنه عن النعى بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 82 لسنة 2000 فيما نصت عليه من سريان أحكام هذا القانون " على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل تاريخ العمل به "، فإن مؤدى هذا النص- وبعد أن قررت المادة الأولى من هذا القانون تعديل حكم المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه، وكان هذا التعديل يسرى بأثره الفورى المباشر، على الأستاذ المتفرغ ليصبح بقاؤه فى العمل موقوتاً ببلوغه سن السبعين - هو إنهاء خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين عند العمل بالقانون رقم 82 لسنة 2000، أى إعمال حكم النص الطعين بأثر رجعى على من كان قد استقام مركزه القانونى كأستاذ متفرغ بعد بلوغه سن السبعين.

    وحيث إنه، ولئن كان القانون رقم 82 لسنة 2000، ومن أحكامه النص الطعين، عند عرضه كمشروع قانون على مجلس الشعب، قد أُخذ الرأى النهائى عليه نداء بالاسم وحصل على الأغلبية الخاصة المنصوص عليها فى المادة (187) من الدستور لإعمال حكمه بأثر رجعى، فإن استيفاءه هذه الشكلية لا يترتب عليه، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة عصمة أحكامه الموضوعية من الخضوع للرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين.

    وحيث إن الحكم الموضوعى الذى تضمنه هذا النص هو إنهاء خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين وقت العمل بالقانون 82 لسنة 2000 بعد أن كان قد اكتمل مركزهم القانونى كأساتذة متفرغين قبل العمل به.

    وحيث إن النعى على هذا الحكم الموضوعى بمخالفته للدستور هو نعى صحيح، ذلك أن هذا الحكم قد وقع فى حمأة المخالفة الدستورية من وجهين متساندين، الأول: هو أن النطاق الذى يمكن أن يرتد إليه الأثر الرجعى للقانون، هو ذلك الذى يعدل فيه التشريع من مراكز قانونية لم تتكامل حلقاتها، وبالتالى لم تبلغ غايتها النهائية متمثلة فى حقوق تم اكتسابها وصار يحتج بها تسانداً إلى أحكام قانونية كانت نافذة، إذ فى هذا النطاق يبقى المركز القانونى قابلاً للتدخل التشريعى، تدخلاً قد يزيد أو يزيل من آمال يبنى عليها صاحب المركز توقعاته، فإذا تقرر الأثر الرجعى فى غير هذا النطاق، وامتد إلى إلغاء حقوق تم اكتسابها فعلاً وصارت لصيقة بأصحابها، وفقاً لأحكام قانونية كفلت حمايتها والاحتجاج بها فى مواجهة الكافة، كأثر لنفاذ هذه الأحكام، فإن الأثر الرجعى للقانون يكون بذلك قد تحول إلى أداة لإهدار قوة القوانين السابقة ومكانتها من الاحترام الذى يجب كفالته لها طوال الفترة التى كانت نافذة فيها وهو الأمر الذى يتصادم مع أحكام المادتين (64، 65) من الدستور اللتين تنصان على أن " سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة " وأن " تخضع الدولة للقانون …… ".

    أما الوجه الثانى لمخالفة النص الطعين للدستور، فهو مساسه بإحدى الحريات الأساسية التى كفلها الدستور للمواطنين كافة وهى حرية البحث العلمى، ذلك أن هذه الحرية هى من الحريات التى لا تنفصل ولا تنفصم عن شخص الباحث العلمى، فلا مفارقة بينها وبينه ولا يتصور لها كيان أو وجود استقلالاً عنه، وإذا كان جوهر هذه الحرية هو مطلق الحرية على نحو غير نهائى، لأن أى قيد عليها مهما هان، إن هو إلا نفى لها، وأية عقبة فى طريقها ولو ضَؤلَت ليست إلا عدواناً عليها، ولازم ذلك أن إعمال حكم النص الطعين بأثر رجعى فى حق مجموعة من الأساتذة المتفرغين - بحسبانهم باحثين علميين - وهم بذلك محور وكيان حرية البحث العلمى، وإنهاء خدمتهم بعد كسبهم للحق فى البقاء فى خدمة الجامعات بعد سن السبعين، هو أمر من شأنه زعزعة أوضاعهم العملية، وزلزلة كياناتهم العلمية، وهو ما يتصادم مع نص المادة (49) من الدستور الذى لم يكتف بكفالة حرية البحث العلمى للمواطنين قاطبة، وعلى نحو مطلق، وبلا أى قيد، وإنما أضاف إلى ذلك تقرير التزام على الدولة بتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق حرية البحث العلمى، تقديراً من المشرع الدستورى بأن ثمرة هذه الحرية هى التقدم العلمى كمفتاح أمل واحد ووحيد لاستعادة مصر مكانها ومكانتها الحضارية، فإذا جاء النص الطعين واستبدل بكفالة وسائل تشجيع البحث العلمى، زعزعة وزلزلة أوضاع فئة بارزة من الباحثين العلميين، فإنه يكون قد خالف موجبات الدستور، ويتعين القضاء بعدم دستوريته فى نطاق ما وقع فيه من مخالفة.

                                       فلهذه الأسباب
     حكمت المحكمة:

    أولاً: بعدم قبول الدعوى فى شقها المتعلق بالمادة (195 مكرراً) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 82 لسنة 2000.

    ثانياً: بعدم دستورية عجز المادة الرابعة من القانون رقم 82 لسنة 2000 فيما تضمنته من سريان أحكام هذا القانون على الأساتذة المتفرغين الذين أكملوا سن السبعين قبل العمل به.

    ثالثاً: برفض ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
    • تعليقات جوجل
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات :

    إرسال تعليق

    يسعدنا مشاركتك بالتعليق على المشاركه وننصحك بقرائتها جيدا قبل التعليق

    Item Reviewed: حكم قديم لـ«الدستورية» يجهض مشروع «خفض سن تقاعد القضاة» Rating: 5 Reviewed By: Farhat blogs
    Scroll to Top